أمي أيتها الشمعة الكونية بحب سماوي، كم احترقت من اجل إنارة دروبي، يا نجمة يهتدى بها في ظلام ليل المسافرين، كم كنت كالبوصلة ترشديني إلى الصواب وإلى الطريق المستقيم، يا شجرة الحياة المعطاءة، ونبع المحبة الأبدي كم أعطيت بلا حدود من غير منّ ولا حساب، يا رمز العطاء المتناهي في دروب الحياة وأروقة الزمان، يا رسالة حب موجهة من السماء إلى الأرض، رضاك من رضا الله وغضبك يغضب السماء، وحزنك يحيل الدنيا إلى سواد وسعادتك تشرح القلب الحزين. أنت الوطن يا أمي والأرض، ترضعين الأبناء حباً وولاءً ووطنية، تنسجين بخيوط من التضحيات أثواب العزة والكرامة والكبرياء ليرتديها الأبناء ويورثونها إلى الأجيال القادمة.. دعاؤك الصباحي يا أمي يفتح أبواب السماء، والمسائي يفتح أبواب الرحمة والمغفرة، وما بينهما يفتح أبواب الستر والرزق والنجاح.. حبك يا أمي هو الذي أنار دروبي وأحال أيامي إلى سرور، حنانك هو الذي مدني بالطاقة في مواجهة عواصف الزمان، وفقدان الأب الغالي العزيز، حضورك هو الذي عوضني عن غياب الوالد الحنون، صبرك هو الذي علمني الاستمرار والإصرار من أجل تحقيق الأهداف وإكمال المسير، حضنك هو الذي أشعرني بالأمان، يدك المعطاءة الكريمة هي التي منحتني كل ما أريد بلا حدود، وجهك ينير مساءاتي، ورائحتك هي التي تنعشني وتعيدني إلى ذكريات الحب والسعادة، طرف ثوبك هو الذي أتشبث به كلما وقعت لأستعيد توازني وأكمل خطواتي.. أخجل منك يا أمي فمهما كبرت لا تزالين ترينني تلك الطفلة الشقية الصغيرة، وأضحك لأنني كبرت الآن وصرت أماً، وما أزال في عينيك طفلة، صار علي أن أقوم بدورك بعد أن عرفت معنى الأمومة، وعرفت الآن لماذا أنت عظيمة، ولماذا هي الجنة تحت أقدام الأمهات، ولماذا أوصانا الإسلام العظيم بطاعتك ورحمتك والإحسان إليك.. في عيدك يا أمي لا أجد سوى الاعتذار. اعتذر لأنني تأخرت في فهم معنى الأمومة، اعتذر إن كنت جعلتك تشعرين بالخوف أو بالحزن، اعتذر إن كنت تأخرت في فهم الحياة كيف تسير ولماذا كنت تضغطين وتصرين حتى ندرس وحتى نذاكر الدروس ونحل الواجبات، اعتذر لأنني كنت طفلة أحب الشقاوة، وأحب اللعب بين البحر ورماله.. اعذريني يا أمي أن أردت أن استعير لحظة من يوم عيدك لأذكر أبي رحمه الله، وأدعو لكل الآباء عسى الله يبقيهم ذخراً وسنداً لعائلاتهم.