عندما أقرأ كتابات الأديب ناصر الظاهري عن الحياة القديمة في مدينة العين، أشعر بالفرح والسعادة لأن هذه المدينة لديها حفيد يستطيع أن يقدم صورها الجميلة الماضية وكأنه حكواتي وشاعر هذه المنطقة الرائعة، المدينة الخضراء ذات التاريخ العريق في كل جزء وزاوية وتحت كل نخلة وغافة وعلى ضفاف كل فلج عبر النخيل منذ أقدم العصور ورؤى النخيل والبساتين. ناصر بعودة دائمة إلى سرد حكايات هذه المنطقة يؤكد أنه ابن بار وحفيد مهم لهذه المدينة، لم تشغله أبوظبي بعماراتها وشوارعها وحياتها الجميلة، وإنما ظلّت الذاكرة هي الفنار والسراج الذي يعود إليه مثل السفن المبحرة، التي تعود إلى موانيها محمّلة بالخيرات والعطايا والرزق الكثير. يعود الظاهري بين فينة وأخرى ليكشف عن مفردة أو حكاية جميلة. الحياة في غابات النخيل والعلاقات الاجتماعية في المجتمع الزراعي، وأيضاً تتبع مجرى وطريق الأفلاج منذ أقدم العصور إلى زهو المدينة. نحتاج دائماً لمثل هؤلاء الكتاب الذين يقدمون مدنهم وقراهم ومناطقهم بروح الإنسان المعجون بتربة الأرض والمغسول بماء القرية أو المدينة. كتابات مهمة هذه التي تنبش في أصغر الأشياء والحياة الشعبية الماضية، حيث أن الطريق دائماً يبدأ من أساس الأشياء وأصولها ومنبتها، ولن يضيء تلك الاجزاء الصغيرة والحكايات الصغيرة والماضية غير من تجذّر في التربة ونبت منها، ولا يمكن للجديد أن يفهم الأشياء الصغيرة والمهمة في حياة أي مجتمع، الظاهري عندما يكتب عن أهله وناسه ومنطقته تشعر أن النخيل تتحدث وأشجار الغاف والأرض والأشخر. مدينة العين محظوظة بهذا الإبن الجميل الذي دائماً ما يعود إلى الجذور والحكايات القديمة ليعيد لها الحياة ويذكر بها وبناسها وأهلها وحتى طيورها وأشجارها. عندما تم تكريم الوالد والشخصية المهمة عقيدة المهيري في مدينة العين، شعرنا جميعاً بالفرح والسعادة والسرور بأن الكرام في وطننا لا ينسون من قدم للناس والمدينة والقرية مجهوداته الإنسانية، ومشاركته للمدينة في زمن حاجتها لخدماته ومواقفه الراعية لأبناء منطقته، ولعل الوالد عقيدة المهيري هو مثال رائع وجميل لإنسان هذه المدينة المعروف عنها بالطيبة والكرم والشهامة، ولقد كتب عن هذه الشخصية ناصر الظاهري حتى قبل التكريم بروح الحفيد المُحب لقريته وناسها وحرها وبردها. إنني عندما أُثمّن هذه الكتابات الرائعة، ليس بحكم أن ناصر الظاهري صديق عزيز، ولكن لنوعية الكتابة وأهميتها في المستقبل، حيث أن الحكايات الصغيرة إن لم تجد من يسجلها اليوم ويهتم بها، فإنها سوف تغيب وتختفي ولن تجد من يكتب عنها، سوف يأتي الجدد من الكتاب الذين لا يعرفون الماضي وأهمية الحكايات القديمة. وقد يقدم الجدد أشياء لا تنتمي حتى إلى البيئة والواقع، حيث أن ظروف الحياة في الإمارات ولدت عناصر جديدة لا تعرف عن الماضي وحياة الأجداد شيء، وقد تقدم شخصيات للتو تدخل المدينة والقرية وتصبح هي المرجع!! مثل هذه الكتابة والكاتب نفسه مهم لرصد الحياة من قبل أحفادها وتقديم كل شيء عنها كما حدث تماماً. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com