كنت في زيارة لمدينة إيشي بشرقي اليابان، بمناسبة احتضان المدينة معرض''إكسبو'' العالمي في عام،2005 والذي خصص لحث العالم على تقديم ابتكارات جديدة لحماية البيئة· التقيت هناك وبالصدفة بخبير ياباني في مجال لم يخطر لي على بال، فقد كانت بطاقته تشير إليه باعتباره مستشارا لشؤون الإجازات، اعتقدت للوهلة الأولى ان الرجل يمزح، ولكننا في مجتمع جاد جدا جدا، وعرفت منه أن وظيفته هذه ضرورية في المؤسسات الكبيرة والضخمة، حيث العاملون هناك بالآلاف، ودوره حمايتهم من الوقوع في براثن ما يسمونه'' إدمان العمل'' في مجتمع يعاني من واحدة من أعلى نسب الانتحار في العالم· وبرر هذا الاهتمام الياباني بالإجازة بتساؤل يقول : ما الإنتاج النوعي والسلوك الاجتماعي الذي تتوقع من شخص منهك؟! وقبل لقاء الياباني كنت قد وقفت على قصة سبق أن تطرقت إليها عبر هذه الزاوية، وتتعلق بزميل عربي انتقل للعمل في مؤسسة صحفية تتخذ من لندن مقرا لها، واصل عمله هناك بذات الطريقة''العربية'' التي لا تلقي بالاً لساعات العمل أو الإجازات، فإذا بمدير الموارد البشرية في تلك المؤسسة يستدعيه، فاعتقد أن الرجل سيكرمه، ولكنه حذره من الاستمرار في البقاء لفترات طويلة في مقر العمل غير الساعات المقررة، وهدده بإحالته إلى طبيب نفسي في المرة التالية! أسوق هذه الأمثلة لتذكير الإخوة في وزارة التربية والتعليم بالطريقة المتبعة في تحديد الإجازات، من دون مراعاة ظروف الأسر، فإجازة نصف السنة أو الربيع ضرورية لكل الأطراف، ويجب مراعاة الجميع عند تحديدها، فالكثير من الأسر لم تستفد من إجازة نصف العام الدراسي الحالي، لوجود أبناء وبنات لها في مدارس خاصة أو في الجامعات· كما أسوقها للإخوة في وزارة العمل الذين يتعاملون مع تحديد إجازات القطاع الخاص أيضا بطريقة غريبة، كأن يعلنوا أن إجازة العاملين في القطاع الخاص هي يوم واحد بهذه المناسبة أو تلك، ويتصادف أن يكون اليوم الذي حددته يوم جمعة وهو يوم عطلة من رب العباد، وكل إجازة وأنتم طيبون ·