قبل شهور عديدة، وربما قبل سنة كتبت منبهاً ومحذراً من المناطق التي تكبر في الهامش بعيداً عن المركز، وبعيداً عن عين العاصمة وقلبها، وذكرت فيما ذكرت منطقة بني ياس واليحر والسمحة وغيرها من المناطق التابعة لأبوظبي، والتي كثرت فيها الجريمة أو بدأت تتسع فيها المشكلات بحيث خرجت من المشكلات اليومية البسيطة التي يمكن حلها بين الأهالي أو التسامح في مراكز الشرطة إلى جرائم من نوع جديد، جرائم تصل إلى استعمال السلاح الأبيض والتهديد به أو خطف أشخاص تحت تهديد السلاح، ووصلت إلى القتل، ولكن الأكثر والأهم أصبحت هذه المناطق بؤراً لترويج المخدرات بأنواعها بين الأجيال الناشئة، وفي المناطق الفقيرة، والغالب عليها الجهل وعدم الوعي الاجتماعي، ثم ظهر توفر واستعمال المخدرات علانية، وقلنا يومها إنه علينا الانتباه كثيراً لمثل هذه المناطق التي نعدها أحياناً نائية وبعيدة عن المدينة.
ومع الوقت تصبح جهات غير مراقبة، يرتادها المجهولون، والمتاجرون، والمشعوذون، والإرهابيون، وتتوافر فيها مخدرات، ومروجون من جنوب شرق آسيا للجنس الموبوء وحبوب الهلوسة ومنازل للمتع المحرمة، هناك أسلحة تأتي من مناطق برّية مهربة، وهناك أشخاص هاربون من العدالة وضليعون في الإرهاب، يأتون متسترين وخلف أقنعة، في تلك المناطق التي تعتقد أنها بعيدة عن العين الراصدة يعشش العنف والفساد، وتكبر الجريمة، ولا ندرك ذلك إلا بعد تورط أحد أبنائنا أو نخسر إحدى فتيات الوطن أو تطفو على السطح جريمة مثل التي عرفت بـ”كمين بني ياس” والذي وجهت فيها النيابة العامة تهم جلب وحيازة مواد مخدرة بقصد التجارة، وتعاطي مواد مخدرة، والشروع في القتل، وحيازة أسلحة نارية دون ترخيص، ومقاومة أفراد الأمن، وهي تهم تصل في أغلبها إلى حد عقوبة الإعدام، وفقاً للمادة 48 من قانون مكافحة المواد المخدرة.
وحين نتحدث اليوم عن بني ياس، فهي المثال الأبرز، فقد توسعت هذه المنطقة، وتكاثر فيها الناس دون تخطيط، فبعض البيوت تضم أكثر من أسرتين وثلاث، وكل أسرة لا يقل عدد أفرادها عن 8 أو 10 أفراد، والخوف أن هؤلاء الأشرار يصلون بسهولة إلى الأشخاص الجاهزين اجتماعياً، والمستعدين نفسياً، والمهيئين مادياً وعقلياً ليخوضوا تجارب جديدة في الجريمة، تبدأ من فرض سيطرة جماعة على بعض المناطق والتحكم فيها وتسيير أمورها من الباطن، مروراً بالسطو على بعض محطات البترول ونهب مكاسبها، ترويج للمخدرات من خلال شبكات عنكبوتية تبدأ من المدارس، وانتهاءً بتجنيد مخربين ومندسين للعبث بمقدرات البلاد، نقولها، ونعيدها من قبل ومن بعد، لأن: “إن فات الفوت، مانفع الصوت”!

amood8@yahoo.com