قبل أن تبدأ الأشياء، كل الأشياء، نستبقها عادة بأمنياتنا الخاصة؛ هذا تماماً حالنا مع العام الجديد، الذي يأتي كوليد تنتظر أمه قدومه بفارغ الصبر، وما إن يأتي حتى يختلف جميع أفراد الأسرة على اسمه، وتتباين وجهات نظر والديه حول مستقبله، فيما يتفق الجميع على أمنية واحدة بشأنه، بأن يحيا حياة سعيدة تملأها الصحة والنجاح؛ يذكرني العام الجديد دائماً بهذا الطفل، فالجميع ينتظره بفارغ الصبر، ويحتفلون به بمجرد مرور دقيقته الأولى، ويتبادل الجميع التهاني بقدومه، ولكنهم جميعاً يختلفون في الطريقة التي سيعيشونها خلاله، ولكن تبقى الأمنية واحدة، فالجميع يريدونه عاماً سعيداً يستطيعون أن يعيشوا فيه حتى العام المقبل· استبق هذا المولود الجديد الذي سيأتي بعد غد بثلاث أمنيات· الأولى: أن يجد كل الرائعين مكاناً مميزاً فيه، أولئك الذين يحملون الأمل في الحياة، ويزرعون الشمس في ثنايا الطرقات المظلمة، أولئك الذين يعشقون الحياة لأجل الحياة· الثانية: ألا يبقى هناك مكان في هذا العالم لأصحاب النفوس السوداء التي لا تعرف أن تعيش سوى الظلمة، مقتاتة على دموع ودماء الآخرين· الثالثة: أن يبحث كل منا في ذاته ليصنف نفسه إلى أي الفئتين ينتمي، ويكون صادقاً في حكمه، وليقرر مع الدقائق الأولى لهذا العام أن يحمل الأمل بحياة مشرقة بعيداً عن ظلمة الظلم والقهر والفساد والسلبية والتجني والحقد والتمييز· عندما تبدأ الثواني العشر الأخيرة من هذا العام في الرحيل، سأغمض عيني لأسترجع أشخاصاً تسببوا في أرقي وألمي، وسقوط دموعي، ثم سأسترجع صور أولئك الذين أسعدوني وأضحكوني، وبثوا الحياة في حياتي؛ وعندما يلتقي عقربا الساعة على الثانية عشرة سأرسل قبلة حارة لتلك الوجوه التي أسعدتني، وقبلة أقل حرارة لأولئك الذين آلموني؛ وقبل أن يبدأ العام الجديد، سأنسى كل الألم والدموع، لأن وجه ذلك الطفل الجديد سيجعلني ابتسم بكل تأكيد··