لا أعرف من أين أبدأ ولا إلى أين سأنتهي، ولكني أعرف أنني لن أوفيك حقك بالكلمات يا أبي.”أبي” كلمة سوف أحرم منها ما بقي من عمري الآتي... كلمة كنت أحس بالحنان والعاطفة عندما كنت أناديك يا أبي؛ والدي الغالي كنت وستكون الحضن الدافئ الذي لن أنساه، والذي لم يبخل يوما بلمي واحتضاني... لن أنسى تلك الليلة التي احتضنت حينها يدي وقبلتها ووضعتها على صدرك النحيل، حتى تشعرني بالأمان حتى لو ابتعدت عني... أفتقدك يا والدي، ولا أجد عزائي بأي شي من حولي. لا أعرف، قد يحس البعض بما تعنيه كلماتي البسيطة التي تكاد تخط فوق ورقتي، وقد أحس بها قلمي الذي اعتصرته أناملي من شدة حرقتي. والدي، كلما اشتقت إليك توجهت نحو غرفتك وشممت رائحة ملابسك، ووضعت خدي على مخدتك التي كنت تنام عليها، لا يمكنني أن أنسى تلك اللحظات التي أخرج فيها من غرفتك وأنت مستلق على ظهرك، وقد بدأ المرض يظهر عليك بشكل تدريجي، ولا أنسى تلك الكلمات التي كنت تخفف بها علي من خوفي، معللا أنها مجرد أوهام وظنون رسمتها مخيلتي، نعم مخيلتي التي أعادت لي اليوم شريط ذكريات طويلة لا نهاية لها من ذكرياتك الجميلة التي لن تمحوها الظروف ولا الأيام، لقد أيقنت أن كل كلمة وكل فعل وكل حركة كنت تقوم بها كانت من أجلنا لكي ترسم وتحقق السعادة لنا.. كم هي صعبة تلك اللحظات التي يفقد فيها الإنسان أشخاصاً يمثلون جزءاً كبيراً من حياتهم وذكرياتهم، وكم هي قاسية تلك الحروف التي تتبعثر، وترسم كلمة الموت على صفحات الحياة.. والدي لقد افتقدتك وافتقدت مزاحك لنا في المنزل، لقد حلمت بك يا والدي الحنون، في تلك الليلة التي جلست فيها بقربي وأفقت وكلي أمل أن يكون حدث وفاتك مجرد حلم، ولكني أفقت على الواقع المرير الذي سأعيشه بدونك، وأجهشت بالبكاء عليك، وتمنيت أن تطول تلك اللحظات لكي أحتضنك وأقبلك وأحكي لك كيف هي لوعة رحيلك وطول فراقك... منعت عيني من البكاء عليك، ولكن لم أمنع قلبي من الحزن على فقدك. والدي الحنون لقد غيب الموت وجودك حولي. ولكنه لم يغيب لحظة تلك الابتسامة التي كنت ترسمها على وجهي، وأعدك أنني لن أنسى ذكراك التي حفرت بين ضلوعي .. والدي تخجل كلماتي من التعبير لك، ويقصر قلمي في وصفي لك، ولكن لن يقف لساني عن الدعاء لك، ولن يقف عقلي عن التفكير بك.. مريم الشميلي Maary191@hotmail.com