الرجل نفسه كان يعلم بأنها نكتة، وأكد أنه يستحي من القول: إن حكم كرة السلة المبتدىء يتقاضى 70 درهماً عن إدارة المباراة الواحدة، ووصف الرقم بأنه مضحك.. ذلك هو يعقوب غابش?،? رئيس لجنة حكام كرة السلة الذي تحدث للاتحاد منذ يومين، فأدمى القلوب، وهو يظن أنه يضحكها، ولست أدري كيف أن رياضتنا لا تزال فيها تلك المشاهد، وكيف يقبل القائمون على الرياضة هذا العبث، وتلك النكات السخيفة، ثم يعودون ويطالبون بالتأهل للبطولات وحصد الإنجازات. تصوروا أن حكم كرة السلة يأخذ 70 درهماً عن المباراة، التي قد تكون في بلده أو خارجها.. أنا نفسي ما زلت عاجزاً عن تصور ذلك.. ولكم أن تتصوروا أيضاً أننا نريد أن نحفز الحكام، وأن ندعوهم لدخول ساحة التحكيم، ولكم أن تتصوروا إذا كان هذا ما يحصل عليه حكم السلة، فكيف الحال بحكم المبارزة أو الدراجات أو تنس الطاولة. غابش يقول أيضاً: إنهم في اتحاد السلة يعانون قلة الحكام في مجال اللعبة، وأن هذه الأزمة منذ سنوات ولم يجدوا لها الحل المناسب، ونوه بالجهود الكبيرة التي يبذلها اتحاد السلة من أجل تطوير الحكام، رغم قلة الموارد المالية، ووضع الأزمة برمتها في يد الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، باعتبارها المنوطة بهذا العمل وإيجاد السبل المناسبة للدعم. وأقول لرئيس لجنة حكام السلة: وماذا تنتظر من الجيل الجديد، وهل هناك ما يحفزه على خوض هذا المجال..؟، لا أخفي عليكم أن ما شدني واستدعى انتباهي هو أنه لا يزال يوجد هناك حكام يقبلون هذا الوضع، وأعتقد أن كل واحد منهم يستحق وساماً وتكريماً على أنه قبل تلك المهمة، مقابل 70 درهماً، هي ثمن وجبة بسيطة، أو ثمن مشروب في «كافيه». وأقول للهيئة: إذا كنتم تعلمون بهذا الوضع وترتضونه فتلك مصيبة، وإن كنتم لا تعلمون فالمصيبة أعظم، ولا تطلبوا من أحد أن يتأهل أو أن ينتصر، ولا تطلبوا من الحكام تطوير أنفسهم، لأنكم من يعوق هذا التطوير، ولأن اللوائح البالية والموازنات الضعيفة، تهدم أية محاولة للتطوير، وما يتحقق - إن تحقق - فإنما هو بدعاء الوالدين، وبطفرات فنية أقرب إلى الصدفة، نابعة من روح اللاعبين والحكام وليس من لوائحكم ولا من موازناتكم. قال غابش ما قال، وأحسب أنه سيمر كما تمر كل التصريحات، التي يقرؤها المسؤولون وربما يبتسمون وكفى، دون أن يكون لذلك مردود فعلي على أرض الواقع، فقد كنت أتصور بعدما قاله رئيس لجنة حكام السلة أن تقوم الدنيا ولا تقعد حتى تنعدل الحال، ولكن كيف، والمقاعد الكبيرة أنست أصحابها معاناة الآخرين. لست أدري للآن، كيف أن رياضتنا وهي تنفق ما تنفق من ملايين لا حصر لها ولا عدد في كل صوب وحدب، يمكن أن نجد فيها مثل هذا النموذج الذي لا مثيل له في دول أقل منا كثيراً من حيث الاعتمادات والموازنات المخصصة لرياضتها. ما زلت في انتظار رد، فالقضية ليست قضية اتحاد السلة وحده، ولا قضية غابش، لكنها قضيتنا جميعاً: ومن حقنا أن نعرف ماذا يفعل المخططون وكيف يدير المسؤولون، أما حكام السلة، فأقول لهم: أنتم أكثر شجاعة من كل من حولكم ونعلم أن الدراهم السبعين ليست في حسابكم ولا اعتباركم، وأنكم ما قبلتم المهمة إلا لأنكم تحبون اللعبة، وعلى من حولكم أن يثبتوا أنهم أيضاً يحبونكم. كلمة أخيرة: المسؤول الذي يكتفي بالفرجة مكانه ليس العمل العام mohamed.albade@admedia.ae