كُنت أتمنى من خبراء الحلول الذكية في مرور أبوظبي وبقية الجهات ذات الصلة أن يكونوا موجودين على الطريق من منطقة المصفح باتجاه العاصمة أبوظبي حتى يلمسوا معاناة حشود سائقي المركبات المتجهة من تلك المنطقة ومدينة محمد بن زايد وهم يقطعون تلك الطرق يومياً للوصول إلى أعمالهم، وكذلك عند العودة، كما كنُت أتمنى لو أنهم عقدوا جلسة عصفٍ ذهني في المكان ذاته، أو خلوة على ضفاف قناة المصفح، أو كورنيش القرم لاستعراض أفكار ومقترحات يمكن استلهامها من ذلك الموقع لإيجاد حلول مبتكرة للمعاناة اليومية لمستخدمي تلك الطرق. صباح أمس كانت أجزاء من ذلك الطريق يلفها الضباب، ومع هذا لم تكن هناك أية دوريات مرورية للتعامل مع السائقين الذين استباحوا كتف الطريق في محاولة للالتفاف على الازدحام والتكدس المروري في تلك المناطق، وبالذات الطرق المؤدية إلى الجسور، وكذلك الطرق الرئيسية التي تنوء بحجم حركة مرورية غير عادية جرّاء انتقال الكثير من الشركات الكبرى للمنطقة الصناعية، وفي الوقت ذاته ازداد السكان الذين انتقلوا للإقامة في الضواحي الجديدة من المدينة. فقد كان البعض يقود سيارته بطريقة غير مسؤولة تمثل خطراً عليه وعلى غيره من مستخدمي الطريق، فقط لأنه تأخر ويحاول اللحاق بموعد دوامه، وكأنما فوجئ بالحركة المزدحمة على الطريق. عدم مراعاة هذه المستجدات والمتغيرات على الرغم من وجود شبكة طرق حديثة لخدمة هذه المناطق، يشير إلى وجود خلل في التخطيط والتنفيذ للتعامل مع ساعات الذروة عند تلك التقاطعات والطرق المؤدية لها، والتي تعرف بأنها كـ «عنق الزجاجة». ولا أعتقد أنّ هذا الخلل غائب عن تفكير خبراء المرور، فهي حالة موجودة منذ فترة، وما زالت بانتظار الحلول. وما يجري حالياً أنّ مرور أبوظبي يكتفي بالتنويه لوجود تكدس أو ازدحام مروري في هذه المنطقة أو تلك، وعلى مستخدمي الطريق التكيف معها والالتزام بأنظمة السير والمرور. تحذيرات لا تخفف من واقع الحالة التي يُعاني منها السائقون على تلك الطرق، حيث يجد المرء نفسه يقضي أكثر من 45 دقيقة تقريباً في الخروج من المنطقة أو الدخول إليها خلال ساعات الذروة. لا شك أنّ قسم التخطيط في إدارة المرور والدوريات بشرطة أبوظبي يتابع الحركة الواسعة والنشاط اللذين تشهدهما المنطقة الصناعية ومستوى التسهيلات التي وفرتها الدولة واجتذبت معها كبريات الشركات لاتخاذ مقار لها هُناك، فتلك المنطقة لم تعد فقط كما يعتقد الكثيرون أنها مجرد منطقة لعشرات من ورش صيانة وصبغ السيارات وإصلاحها، وإنما أصبحت منطقة صناعية من الطراز الأول بما تضم من مصانع كبيرة وميناء، وأحواض لبناء السفن إلى جانب المدن العمالية والمناطق السكنية، بحيث أصبحت ذات كثافة سكانية عالية. ومن هُنا يتطلب الأمر إيجاد حلول مبتكرة لهذا الوضع وطريقة التعامل معه، ولا يخفى على خبراء المرور التكلفة العالية التي تترتب على هدر الوقت بسبب الازدحام والتكدس المروري الذي تشهده هذه المنطقة وغيرها، فانسيابية الحركة في كل منطقة من عوامل الجذب فيها، والتي تراعيها وتعتد بها الشركات الكبيرة، كما أن لها أثرها على إنتاجية الفرد. ali.alamodi@admedia.ae