كان مشهداً رائعاً وناصعاً أن يقوم ولي أمر طالب بمسؤولية تكريم الأوائل من جيل ابنه سعياً منه للمشاركة في تقدير العملية التعليمية، وتوقير الطلاب الذين بذلوا واجتهدوا ونالوا حقهم من التفوق.. شعور وطني يستحق التقدير والفخر والاعتزاز عندما يقدم ولي أمر ليقف بين طلاب مدرسة تميزوا في دراستهم ويقدم لهم جوائز التكريم إيماناً منه أن هؤلاء الصغار، جميعهم أبناؤه، لأنهم أبناء الوطن وما حازوا من مستوى رفيع ودرجات عالية إنما هو امتياز للوطن، وتفرد للجهود التعليمية التي تبذل، والثروة التي تكرس من أجل هؤلاء الأشبال كي يبدعوا وينطلقوا نحو آفاق العلا، ويحققوا طموحات مجتمعهم وآمال آبائهم ليكونوا جميعاً رجال المستقبل وقادته ومسؤوليه. شكراً لولي الأمر هذا، وشكراً لكل فرد من أفراد هذا الوطن يحس بالمسؤولية، ويشعر بقيمة المشاركة ويعتني بالقضايا العامة، كما يهتم بأموره الشخصية. فكم من المشاعر الجياشة التي ستجتاح نفوس هؤلاء الصغار عندما يجدون رجلاً من أبناء جلدتهم يقف بينهم ويكرمهم ويحتفي بنجاحهم، كما يحتفي بنجاح ابنه!. كم من الذكريات التي ستلتصق برؤوسهم وهم يحملون الجوائز، يضعونها في غرف دراستهم، وكمٍ من الفرحة التي ستغمر قلوبهم وهم يجدون أنفسهم مكرمين معززين مرفوعين فوق الرأس من قبل ولي أمر وليس من جهة إدارة المدرسة!. لهذا التكريم طعم مختلف ومذاق يفتح الشهية لمزيد من البذل والجهد. درس ولي الأمر هذا يجب أن يقرأه كل ولي أمر، وأن يحفظه كل مواطن في هذا البلد، وأن يستفيد منه كل إنسان، لأنه درس من دروس العبر والأمثلة والنماذج الراقية التي تستحق التدريس والتكريس، هذه شهادة رجل، وهبة إنسان قد يكون فعلها بدافع عفوي، لكنه بعد حين سوف يشعر بقيمتها وأهميتها، ولا بد أن الكثيرين سيجدون في هذه المبادرة حافزاً مشجعاً يدفع ضميرهم نحو تقديم المزيد من المبادرات والمثابرات من أجل وطننا الغالي ومن أجل رقي العملية التعليمية في بلادنا، ومن أجل تقاسم رغيف العطاء والمشاركة في البناء. أنا على يقين من أن خطوة ولي الأمر هذا سوف تفتح نافذة واسعة لقريحة الكثيرين، وسوف يهطلون هطول المطر، ويقدمون ما لديهم من حوافز تكون شعاعاً ينير درب طالبي العلم ويزيد من عزيمتهم، ويرفع من طاقاتهم الإبداعية. أنا على ثقة من أن هذه المبادرة لن تكون الوحيدة، بل ستتلوها مبادرات وخطوات أوسع وأمتع وأنفع، وما فعله ولي الأمر هذا هي البذرة التي ستصير غداً شجرة مورقة متفرعة الأغصان والأشجان. علي أبو الريش | marafea@emi.ae