تعزيز مشاركة المواطنين في قطاعات العمل المختلفة واجب حكومي يتوجب العمل على تنفيذه وفق آليات واضحة وثابتة مع علمنا أن هناك لجانا مختصة بهذه المهمة، وإلى جانب كونه واجبا حكوميا فهو أحد أهم حقوق المواطنة للإنسان الإماراتي في ظل معطيات سياسية وسكانية عديدة تؤكد حقه الأول في المشاركة والعمل.
إن الإحلال الاستراتيجي للمواطنين في الوظائف المفصلية والحيوية مع ضمان توطين قطاع المعرفة تحديدا لما يشكله من خطورة وحساسية في مجمل سير عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وعلى اعتبار أن الإمارات بشكل عام تتجه حثيثا – حسب الخطط المعلنة - نحو خيار مجتمع المعلومات أو اقتصاد المعرفة، وعليه فلابد من الالتفات لهذا القطاع الحساس وجعل النسبة الأعلى من المتحكمين في وظائفه من أبناء المواطنين ضمانا للتعزيز والتوطين والأمان الاجتماعي.
نعترف بنقص الموارد الإماراتية في كثير من المجالات، سواء من حيث العدد أو الاختصاصات التقنية والفنية، لكن ذلك لا يجب أن يكون عائقا كبيرا في وجه تمكين أبناء المواطنين حيث تتوافر الإرادة السياسية والرغبة الإماراتية الواضحة لتجاوز هذا العائق بخطط واضحة ومحددة زمنيا، ما يعني أن الاستثمار في تأهيل وبناء القدرات المواطنة المتخصصة والماهرة وتوزيعها المتوازن على مختلف القطاعات وتمكينها بوضعها في الوظائف المهمة والمفصلية ذات الثقل الاستراتيجي واحدة من أبرز مهمات اللجان المعنية بمسألة التعزيز والتوطين والمشاركة، وهي في الوقت ذاته واحدة من أكبر تحدياتها حسب اعتقادنا !!.
إن الاستثمار في تأهيل وبناء القدرات المواطنة المتخصصة والماهرة وزيادة المعروض من هذه القوى المواطنة هو هدف وتحد في الوقت نفسه، لأن هناك بعض المؤسسات للأسف تسير عكس توجهات التعزيز، وبدل العمل على النهوض بسياسة التوطين وتعزيز مشاركة القوى العاملة المواطنة واستثمار أصحاب الخبرات منهم نسمع ونرى الكثير من أخبار الاستقالات الجماعية لقطاعات من المهندسين وغيرهم.
ما يحصل في بعض المؤسسات لا يتكامل مع توجهات التعزيز والمشاركة، ولا يتوازى معها، بل على العكس يتضارب، بمعنى أن هناك مؤسسات تعمل على تقليص تواجد المواطن فيها، وتحجيم دور وتواجد أصحاب الخبرات الذين يحالون للتقاعد مبكرا بحسب إحصاءات وحديث المسؤولين في هيئة المعاشات وهيئة تنمية وغيرها من الهيئات الوطنية التي تعترف بهذا الواقع وبشكل علني على صفحات الجرائد، ما يعني إهدارا حقيقيا لثروات الإمارات التي أنفقت على تعليم هؤلاء وإعدادهم للانخراط في بناء وطنهم، أو يتم تحجيم وتهميش أعداد منهم تحت حجج واهية جدا وغير منطقية أبدا.
لتفعيل استراتيجية التعزيز والتمكين نحن بحاجة دائمة لمتابعة إدارات التوظيف وشؤون الموظفين للتعرف عن كثب على ما يجري فيها، لأن البناء لا يستقيم أبدا إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ، فلا يمكن أن تؤتي سياسات التوطين والتعزيز ثمارا حقيقية طالما أن هناك ما يتعامل مع نقطة حيوية كهذه بشكل فيه من المزاجية والعشوائية وضيق الأفق ما يدمر سياسات لها الكثير من التأثير على أمن الوطن والمجتمع في المدى المنظور والبعيد أيضا. 

ayya-222@hotmail.com