ما يحدث في اليمن وليبيا والجزائر والمغرب، يشبه كابوساً صعب التنبؤ بنتائجه، وصعب متابعته وصعب تجاهله أيضاً، الفوضى لا تصدق، والقتلى يتناثرون في الطرقات، وكأنه لا قيمة للحياة ولا قداسة للموت ولا أهمية لأرواح البشر، الأموال التي تكتشف بأنها سرقت وخبأت في القصور وممرات المنازل البعيدة لم تنفق لدفع شبح التخلف، ولم تمنح سارقيها أي حصانة، ولم تدفع عنهم شر المصير السيئ الذي دفعوا أنفسهم إليه، الرصاص الحي يملأ سماوات بعض العواصم، والدماء تكاد تخرج من شاشات التلفزة، فإلى أين يتجه هذا العالم؟ المشهد ليس سهلاً أبداً، ونزع الفتيل المشتعل يمثل حاجة ماسة إذا كان بالإمكان نزعه، التغيير مطلوب وبشدة وإصرار، والسكوت على المظالم وانعدام العدالة لم يعدا خيار أي مواطن عربي في أي دولة عربية، لكن إذا كان بالإمكان تجنب إزهاق الأرواح وتحقيق المطالب بشكل سلمي، فلا شك أنه الحل الأفضل، وإن كنت أشك في إمكانية هذا الحل على الأقل في الدول خارج المنظومة الخليجية، حيث القمع سيد الموقف، واللجوء إلى القوة المفرطة أول الخيارات ، وهو الخيار الأسوأ، الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن وضع بعض الدول العربية على رأس قائمة البلدان الديكتاتورية، لم يكن تجنياً أبداً !! . إن مطالب الشباب على امتداد الرقعة العربية، وهي لا تختلف في مصر عنها في تونس والجزائر واليمن وغيرها من البلدان المشتعلة اليوم، إنهم لا يطلبون أكثر من حقهم الطبيعي والمنصوص عليه في الدساتير العربية، التي أكدت أن العمل حق من حقوق المواطن، وأن العدالة والمساواة أمام القانون ركيزتان لا تستوي المواطنة الحقة من دونهما، إذن لماذا حين خرجوا مسالمين يطالبون بها انهمر عليهم الرصاص الحي والقتل المباغت والبشع؟ الم يكن الأمر بحاجة إلى سياسة وكياسة وسعة صدر وحكمة من قبل كبار الساسة وحكماء السلطة الذين من المفترض أن تكون سنوات الحكم الطويلة جدا قد منحتهم الكثير والكثير من الحنكة والمرونة في التعامل مع مطالب الناس الذين يحكمونهم، لكن الواقع الذي نراه ونتابعه يومياً هو تسجيل فشل عربي إثر آخر في طريقة إدارة الأزمات الحادة التي تحدث، وأكثر من الفشل فإن هناك إصراراً من قبل البعض في زيادة الهوة بينه وشعبه وسائر شعوب العالم التي ترصد الأحداث وتسجل غضبها واشمئزازها، مما يحدث من قبل بعض الأنظمة. ماذا يريد الشباب العربي الثائر؟ يريدون الحصول على فرص العمل المناسبة؟ يريدون تفعيل نصوص الدستور المتعلقة بحقوق المواطنة من عدالة ومساواة وقانون ورعاية وتعليم جيد واحترام للحريات والمعتقدات و.... الخ، ألا يمثل ذلك كله التزاماً بنصوص وروح الدساتير؟ ألا يعني تحقيق تلك المطالب نهوضاً وتقدماً وتحديثاً للدول؟ عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com