الجزيرة يغرد خارج السرب هذا الموسم، هو مختلف في كل شيء. مختلف عن البقية، ومختلف عن نفسه في المواسم السابقة، بعد أن استوعب دروسها، وبات أكثر إصراراً على الفوز بما يستحقه منذ زمن، والفرق بين العنكبوت الحالي، والذي كان في المواسم السابقة، يتمثل في اكتمال منظومة الفريق من اللاعبين المواطنين والأجانب، والأهم، هو اليقين بالقدرة على الإنجاز، وعدم الالتفات لما يثار حوله من أخذ ورد، فهو ماض في طريقه، غير عابئ بمن حوله، لا ينظر إلا لنفسه. لم يعد الجزيرة هذا الموسم يعتمد على أسماء معينة، وقد يرى البعض أن الأجانب في صفوف الفريق غير مؤثرين، ولكن الحقيقة تقول غير ذلك، وربما ما حجب الرؤية السابقة عن الأجانب، هو أن كل الفريق يبدع، وعلى المخضرم براجا أن يختار وأن يفاضل، ولعل هذا الثراء في صفوف الجزراوي، هو ما دفع لاعباً بقيمة وحجم سبيت خاطر، للإعراب في لقاء خاص بيننا عن خوفه من الإصابة، لأنه وقتها، وحسب تأكيده، ربما لن يجد مكاناً له في التشكيلة حال عودته، فالفريق بين فريقين، واحد متمسك بالفرصة، وثان ينتظرها على أحر من الجمر، عازم على أنها إذا جاءته لن يفلتها. الجزيرة، تغير، وأحسب أن هذا التغيير، ليس فقط في وضعية اللاعبين، أو في التكتيكات، وإنما في المنهج أيضاً، ولعل مباراة الشارقة الأخيرة مع العنكبوت قدمت دلالة على هذا التحول، ففي الموسم الماضي تعادل الجزيرة مع الشارقة في الجولة 18 واتسع الفارق وقتها لأول مرة مع الوحدة إلى 3 نقاط لصالح الأخير، وفي الموسم الماضي، كانت النقاط تتفلت الواحدة تلو الأخرى، حتى تفلت الدوري كاملاً، غير أن الجزيرة هذا الموسم استوعب الدرس، فبات شحيحاً حد البخل في التفريط بأي نقطة، وكان إصراره على نقاط الشارقة، تأكيداً لنواياه، وأنه لم يعد من يغدق على المنافسين بهداياه وينسى نفسه. انظر للحظة كيف يتعامل الجزيرة في الموسم الحالي، فبالرغم من أنه يتصدر الدوري من الجولة الخامسة إلا أنه في فترة انتقالات اللاعبين أعاد إلى قائمته محترفه البرازيلي أوليفيرا، بدلاً من توني وأكاد أجزم أن الإيفواري قد يكون أفضل من نصف محترفينا في الدولة، ولكن الفريق الذي يريد اللقب، يريد لاعبين يسيرون على شاكلة البقية والكل شاهد ما قدمه أوليفيرا حتى هذه اللحظة. ولابد أن نرفع القبعة لمدرب الفريق آبل براجا، الذي قال عنه سبيت خاطر أيضاً: الجزيرة سيخسر كل شيء إذا رحل براجا، وربما وقتها لم أقتنع بما قال، غير أنني اليوم، أصبحت من عشاق الرجل، وفكره وعطائه الذي يترجمه اللاعبون في الملعب. ويبدو أن الجزيرة موعود كل موسم بـ«نغمة جديدة» يطلقها المحللون والمتابعون، فبعد أن كبلوا الفريق في الماضي بحكاية «الأمتار الأخيرة»، حتى باتت من مصطلحات دورينا، إذا بهم هذا الموسم يتحدثون عن كون فوزه بالدوري «محسوماً»، غير أنني أعتقد أن الجزيرة الجديد، بات أكبر من هذا الفخ، ومن كل الشعارات التي لا مكان لها في منهجه الجديد.. هو يدرك أن الكلام الفصل في الملعب، وأن نجومه هم من يحللون ويكتبون ويعلقون.. هم من يريدون أن يأتي لجمهور العنكبوت بـ«النبأ اليقين». كلمة أخيرة: بكل صدق لم أعد أستمتع بمباراة إلا حين أشاهدها في ستاد محمد بن زايد.. فهناك يتحول الملعب إلى مسرح، فيه الفن وفيه الكرة. محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae