أورد الجاحظ تأويلات فكهة للنحت في العربية، إذ قال لابنه: “أي بني، إنما صار تأويل الدرهم: دار الهمّ، وتأويل الدينار: يدني إلى النار” ومنه: “كان عبد الأعلى إذا قيل له: لم سمّي الكلب سلوقياً؟ قال: لأنه يستل ويلقى، وإذا قيل له: لمَ سمّي العصفور عصفوراً؟ قال: لأنه عصى وفرّ”. عرف العرب ظاهرة النحت اللغوي، والنحت لغة هو النشر والبري والقطع، فيقال: نحت النجّار الخشب والعود إذا براه وهذب سطوحه. ويعتبر الفراهيدي أوَّل من اكتشف ظاهرة النحت في العربية حين قال: “إن العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقرب مخرجيهما، إلاّ أن يُشتَق فعل من جمع بين كلمتين مثل (حيّ على) كقول الشاعر: أقول لها ودمع العين جار ألم يحزنك حيعلة المنادي فهذه كلمة جمعت من (حيّ) ومن (على). ونقول منه: حيعل، يحيعل، حيعل. ويعرّف الدكتور نهاد الموسى النحت تعريفاً شاملاً بقوله: هو بناء كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر أو من جملة، بحيث تكون الكلمتان أو الكلمات متباينتين في المعنى والصورة، وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخذة منهما جميعاً بحظ في اللّفظ، دالة عليهما جميعاً في المعنى. من صور النحت تأليف كلمة من جملة لتؤدي مؤدّاها، وتفيد مدلولها، كـ “بسمل” المأخوذة من (بسم الله الرحمن الرحيم)، وحيعل المأخوذة من (حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح). ومما ورد في كلام العرب: لقد “بَسْمَلَتْ” ليلى غداة لقيتها فيا حبّذا ذاك الحبيب المبسمل وتأليف كلمة من المضاف والمضاف إليه، عند قصد النسبة إلى المركب الإضافي إذا كان علماً كـ “عبشمي” في النسبة إلى عبد شمس، و”عبدري” في النسبة إلى عبد الدار. وتأليف كلمة من كلمتين أو أكثر، تستقل كل كلمة عن الأخرى في إفادة معناها تمام الاستقلال؛ لتفيد معنى جديداً بصورة مختصرة. وهذا النوع كثير الورود في اللغات الأوروبية، قليل في العربيّة وأخواتها السامية ولم تعرف منه إلا بعض ألفاظ نتيجة تخريج لبعض العلماء، من ذلك “لن” الناصبة، يرى الخليل أنّها مركبة من “لا” النافية و”أن” الناصبة. و”هلم”: يرى الفرّاء أنها من “هل” الاستفهامية، ومن فعل الأمر “أُمَّ” بمعنى أقصد وتعال. وقيل: إنّها مركبة من هاء التنبيه” و”لم” بمعنى ضم. و”أيان” الشرطية مركبة من “أي آن” فحذفت همزة آن وجُعلت الكلمتان كلمة واحدة متضمّنة معناهما.. وديع عقل: معلمي لست بالناسي جميلك ما عرفــت في لغـتي معنى لعـرفان هيهات أنسى ليالينا التي طويت بين الكتابين قامـوس وديـوان وأنت تطبع في ذهني العلوم كمـا لو رحت تنقشها نقشاً بصفوان Esmaiel.Hasan@admedia.ae