تعلن نتائج شهادة الثانوية العامة اليوم، وهو يوم الحصاد فمن كد وتعب يحصد نتاج غرسه اليوم ومن حق الناجح أن يفرح ومن حق المتفوق الذي ستتصدر صورته الصفحة الأولى غداً أن يفتح صدره للبهجة ففرحة النجاح والكد والتعب لا تعادلها كنوز الدنيا·
وفي كل دول العالم تحظى شهادة الثانوية العامة باهتمام الرأي العام فهي تمثل مرحلة مفصلية في حياة الطالب ومستقبله الأكاديمي والعملي، ومن هنا يخطو الطالب نحو حياة عملية جديدة في الجامعة، ولذلك تحرص النظم التعليمية المتقدمة على أن تكون الخطط والبرامج الدراسية في الثانوية العامة مؤهلة لحياة جامعية متميزة، وهذا بالطبع ما تفتقده الثانوية العامة لدينا·
فالثانوية العامة عندنا تنتهي بها مرحلة وتبدأ مرحلة جديدة في الجامعة لا علاقة لها بالثانوية من حيث الخطط والبرامج الدراسية بل من حيث آلية القياس والتقويم والامتحانات، ولعل ما نطمح إليه خلال الفترة المقبلة هو الانطلاق بالثانوية العامة بل بالتعليم كله نحو آفاق واسعة من التطور بحيث تتغير نظم وأساليب التقويم ولا تظل الثانوية العامة عنق زجاجة يحدد مصير الطالب أو الطالبة دون النظر إلى جهده وتعبه طوال العام·
وهناك ما يشبه الإجماع من التربويين على ضرورة تطوير الأساليب التقليدية للامتحانات والتقويم، والتي تعتمد على الحفظ والتلقين واسترجاع المادة العلمية في ورقة الإجابة بل ونسيان ما تعلمه الطالب من مواد دراسية بمجرد انتهاء الامتحان·
التطوير المنشود للتعليم يجب أن يكون شاملاً فلم تعد تجدي سياسة ترقيع الثوب التعليمي نحن في حاجة إلى مدارس مجهزة يجد فيها الطالب بيئة دراسية أفضل من بيته، فالطالب يذهب إلى المدرسة ولا يجد فيها الانترنت، وفي بيته الانترنت، وإذا وجد الانترنت في المدرسة فهناك عشرات الطلاب المكدسين في مختبر الحاسوب وأجهزته القديمة التي لا تسعف الطالب في البحث عن المعلومة، لقد تحول التعليم من السبورة الخشبية كوسيلة تعليمية وحيدة إلى وسائل متنوعة من الأجهزة والوسائط التعليمية التي تمثل أحدث صيحة في تقنية المعلومات، بل هناك الفصل الدراسي الافتراضي الذي لا وجود له في العالم المادي بل يوجد هذا الفصل في الانترنت·
نحن في حاجة لنسيان هذه المدارس التي تشبه جدرانها جدران السجون العتيقة والتي تعلوها بوابات الحديد والأسوار العالية، وهي مدارس تبعث على الرهبة ولا تجذب الطالب، نحن في حاجة إلى مدرسة يشعر فيها الطالب بالفرح والاستقلالية في اتخاذ القرار لا نتمنى استمرار هذه الحالة التي نسوق فيها الأبناء إلى المدرسة مكرهين، بل نتمنى أن يذهب كل منهم إلى مدرسته في كامل حيويته بذهن مفتوح وعقل متحرر·
نريد فصلاً دراسياً جميلاً، وقد رأيت فصولا وقاعات دراسية في بعض مدارسنا تشبه غرف العزاب التي تنشر البلديات صورها في الصحف وتحذر الجمهور من خياستها وعدم التزامها بالشروط الصحية بل إن الطاولات التي يجلس عليها طلاب هذه الفصول تقل من حيث نظافتها عن تلك الطاولات الموجودة في شبرات السمك·
نريد نهضة تعليمية تواكب العصر وتعزز قدرة الطالب على مواجهة التحديات العلمية والتقنية التي يشهدها العالم، وغدا نواصل·