«أريد، أن يغرد ابني بالإنجليزي ويقول أوكي»، هكذا أجابت قريبتي معللة سبب نقلها ابنها إلى مدرسة أخرى. اللغة أصبحت هاجساً ومقياساً لقدرات الإنسان، هذه الوسيلة التي من شأنها أن تكون هدفاً إذا ما أراد الفرد أن يتخصص بها، ولكن ماذا عمن يريدها وسيلة لإيصال معلومة فقط، كما هو الحال في جميع المهن. نسيت قريبتي أهمية الترغيب ووسائل التعليم والقراءة التي من شأنها أن تنمي المهارات اللغوية لهذا الطفل، وراهنت على أنه بمجرد أن يتقن ابنها اللغة الإنجليزية سيكون مطلوباً في أي وظيفة. اللغة هي وسيلة للتواصل وليس للتفاضل، نعم هناك مهن يجب فيها إتقان اللغة ولكن ليس بالضرورة أن تكون اللغة أساساً لتقييم الموظف، لأن العقل البشري لا يقيَّم على حسب اللغة التي نتحدثها بقدر ما يقيم على إنجازاته وكيفية التعامل مع المشكلات اليومية. ومعرفة اللغة لا تعني إتقانها، فمعرفة الشيء ليست بالضرورة اتقانه، ومعرفتي بالإنجليزية لا يعني أنني اتقنها، ولكن معرفتي بها كافية لدرجة مكنتني من إتمام دراستي العليا، ولكنَّها ليست كافية لتجعلني في صفوف المترجمين. اللغة أداة لإيصال المعلومة، وهي مهمة في كثير من الأمور وخصوصاً في ضوء العولمة والتطور، ولكنها لا تقيِّم قدرات الأفراد فهي مهارة مكتسبة المطلوب منها إيصال المعلومة بدون أي لبس. وعلى ضوء ذلك، ولا أنسى إحدى شقيقاتي، عندما وقفت خلال زيارتنا لدولة أجنبية أمام كافتيريا لشراء الماء، فسألت بائع العصير، وهي التي لا تجيد الإنجليزية «شي واتر»، طبعاً هو لم يفهم الكلمة الأولى فسألها إن كانت تريد عصيراً أو عصيراً مع الماء، وبمجرد سماعها لكلمة «water» ماء وهو مرادها من تلك الوقفة أجابت نعم «yes»، فإذا بالماء يجيء ولكنَّه مصفر قليلاً، وجاءت بمائها إلى طاولتنا مفتخرة بإنجازها العظيم «شفتوا طلبت ماي بس أهل هذا البلد مايهم أصفر». أمينة عوض ameena.awadh@admedia.ae