برغم كل الجهود التي تبذل لرفع مستوى الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع عندنا في الإمارات، وبرغم ما ينشر حول مؤتمرات البيئة وجوائز البيئة وحماية البيئة، إلا أن مستوى الوعي لا يزال دون المعدل المتوقع في دولة كالإمارات يتوافر فيها كل هذا الجهد وهذه الأرضية الجيدة من معايير الخدمة الممتازة والمبادرات العالمية والخلاقة والمؤتمرات التي لا تتوقف طيلة العام . مازالت جماعات حماية البيئة الاهلية والرسمية تجمع آلاف العلب المعدنية الملقاة بإهمال في كل مكان، ومازالت أكياس البلاستيك غير القابلة للتحلل تملأ المناطق الصحراوية وغير الصحراوية وتشكل خطرا على الحياة الحيوانية والزراعية ومجمل البيئة بشكل عام، ومازال افتقارنا للغطاء النباتي مشكلة أزلية، ومازالت أعمال الحفر وبناء المشاريع العقارية العملاقة واستنزاف التربة عن طريق الكسارات ومصانع الاسمنت وغيرها خطرا قابعا لم نصل لحل حاسم ونهائي حياله حتى اليوم ! تحظى البيئة باهتمام حكومات دول العالم أجمع منذ النصف الثاني من القرن العشرين. أما مشكلة التلوث فهي إحدى أهم المشاكل البيئية الملحة التي بدأت تأخذ أبعادا بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة، خصوصا بعد الثورة الصناعية في أوروبا والتوسع الصناعي الهائل والمدعوم بالتكنولوجيا الحديثة، كما أن ظهور بعض الصناعات المعقدة والتي يصاحبها في كثير من الأحيان تلوث خطير يؤدي عادة إلى دمار النظام البيئي المتعادل طبيعيا والذي يتم تدميره بجهل وجشع وبشكل دراماتيكي ومقنن من قبل الانسان دون أي التفات لحجم المخاطر المميتة التي يولدها هذا التدمير على المدى الزمني المنظور والبعيد معا، سواء على صعيد ظهور أمراض لم تكن معروفة سابقا أو انتشار أمراض غريبة لا تجد علاجات سريعة لها كأمراض حساسية الجهاز التنفسي مثلا المنتشرة بين الاطفال في مناطق تواجد الكسارات مثلا، أو اختلال المناخ وتزايد وتيرة حرارة المناخ أو انقراض أنواع من الكائنات البحرية أو... الخ ! يختلف علماء البيئة والمناخ في تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي، وأيا كان التعريف فإن المفهوم العلمي للتلوث البيئي مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الإيكولوجي (العلاقات المتبادلة، بين العناصر العضوية وغير العضوية، في البيئة) حيث إن كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وتصاب بشلل تام عند حدوث تغير في الحركة المنسجمة بين العناصر المختلفة في البيئة بجميع أجزائها ومكوناتها ، أي رمي كيس بلاستيك ببساطة يحدث خللا تدميريا حين لا يتحلل وبالتالي لا تتقبله البيئة ببساطة ولا تهضمه بسهولة وتظل تعاني سوء هضم وعسر نظام متراكم ينتقل عبر الهواء الى أمعاء الحيوانات الى أغصان الاشجار الى البحر فالأسماك و.... هكذا بتتابع لا يتوقف إلا بعد أن تكون البيئة قد أنهكت وقتلت بلا رحمة. نحن من يتوجب علينا كأفراد أن نكون مستهدفين بمشاريع التوعية البيئية، نحن كأفراد ننتمي لجميع الشرائح العمرية والثقافية والوظيفية، دون تمييز، وعلى وزارة البيئة أن تخرج من دهاليز المؤتمرات والغرف المغلقة ومنصات الأحاديث التي تدور حول العلماء والباحثين ولا يسمعها غيرهم، لتجعل هذه المواضيع في متناول الناس العاديين المعنيين بهذه التوعية، للأسف نحن نعقد المؤتمرات وندعو لها من يعرف جيدا بمواضيعها فيسمعون ويتناقشون ثم يحملون حقائبهم ويرحلون دون أن تصل تلك المعلومات للناس المعنيين مباشرة بها . ayya-222@hotmail.com