أطلقت هيئة البيئة في أبوظبي مبادرة تصادف اليوم الرابع من يونيو، ويجيء الاحتفال به سنويا في العالم، وقد دعتنا الهيئة للمشاركة، وتجسيد الأقوال إلى أفعال. في «يوم بلا أوراق»، بهدف تقليل استخدام الأوراق، و انبعاث ثاني أكسيد الكربون، تحت شعار «معا لمواجهة التغير المناخي». وهي تذكرنا بأن نحو 900 مليون شجرة تقطع سنويا لصناعة الورق ليتم استهلاكه من قبلنا بالصورة الجائرة التي نجدها اليوم في الكثير من تفاصيل حياتنا، وبالأخص الذين تقودهم الأقدار إلى بعض دوائرنا ممن لم يسمعوا بشيء اسمه الأداء الإلكتروني، وتجد الموظفين فيها لا يستطيعون الابتعاد عن العشق الأزلي للروتين، ورمزه الخالد الورق. تجدهم يطلبون منك أوراقا لا أول لها ولا آخر. ذات مرة كنت أتابع قصة مراجع لديه معاملة في إحدى هذه الجهات، عندما باغته الموظف بطلب شهادة وفاة والده، الذي لا له علاقة من قريب أو بعيد بالطلب المقدم، ولكنه اضطر مرغما للتوجه إلى الطب الوقائي لاستخراج شهادة بدل فاقد للذكرى الأليمة التي كان قد مر عليها أكثر من ربع قرن. وقبل أيام تابعت رحلة شاب بين بلديتي أبوظبي والعين لاستخراج شهادة « لا يملك» في وقت نتحدث فيه كثيرا عن « الربط الإلكتروني»، و أمضى أياما في تلك الرحلة ليظفر بالشهادة المطلوبة. ولكن أكثر الصور الصارخة لانتصار الورق على توجهات الأداء والربط الإلكتروني، ما يجري بين بعض إدارات المرور والجوازات عندنا. حيث ٌيصدم بعض المتقدمين لتجديد رخص السيارات بوجود مخالفة في إمارة أخرى، وعندما يبدي استعداده لدفعها في ذات المكان يطلب منه التوجه للمدينة التي سجلت فيها المخالفة بحجة عدم استكمال الربط فيما يتعلق بسداد المخالفات. هناك أيضا بعض المقيمين ممن يتقدمون لتجديد الإقامة، يكتشف أن الدخول والخروج الأخير لم يتم تسجيله، لأنه تم من خلال منفذ آخر، وسائل الربط فيه غير فاعلة أو سريعة بالصورة المطلوبة، وعليه إثبات وجوده، رغم أنه ماثل بشحمه ولحمه أمام الموظف المختص.في نفس الإدارة التي أصبحت اليوم تتوسع في مشروع « البوابات الإلكترونية» في المطارات. حتى المصارف التي تزعم قطع شوط كبير في مجال التعامل الإكتروني، تجدها أكثر الجهات طلبا للورق عندما يتقدم صاحب الحساب لإغلاق بطاقته الائتمانية أو حسابه. رغم أنها في بدايات جره لفتح حساب لديها أو تزويده ببطاقة ائتمانية، كانت الأكثر مرونة وتجاوزا لطلب كمية الأوراق والمستندات المطلوبة، لدرجة أنها تضع مسألة التخفيف من المستندات الورقية المطلوبة في إعلاناتها باعتبارها ميزة من المزايا والإغراءات التي تقدمها. ونحن قبل أن نغرس هذا التوجه الإيجابي الخاص بالوعي البيئي، وإسهامنا في مواجهة التغيير المناخي كأفراد، علينا أن نعزز توجهات الاعتماد على الإداء الإلكتروني في المعاملات، باعتباره صورة من صور التعامل العصري في مؤسساتنا كافة، يعبر عما تحقق من إنجازات باتجاه التوسع في التعامل مع خلال بوابات وإدارات الحكومة الإلكترونية. مشاهد ولقطات نتمنى أن تختفي، ونحن نسجل تجارب ومبادرات ريادية لمواجهة التغير المناخي، و المبادرة التي تنطلق اليوم« بلا أوراق» هي مجرد خطوة في مشوار طويل.