على هامش خطاب السيد أوباما، أسجل الملاحظات التالية كقراءة سريعة من وجهة نظر مواطن عربي بسيط جدا: لم أستمع إلى خطاب بوش، عفوا أقصد خطاب الرئيس باراك أوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة ليخاطب به مليار ونصف المليار مسلم، في الحقيقة لم أستطع حتى اللحظة التفريق بين أوباما و بوش ومن سبقهما ممن سكنوا البيت الأبيض، فهل يوجد فرق فعلا؟ أطرف تعليق سمعته حول الخطاب هو ما قاله أحد الزملاء بأن الفرق بين خطابات بوش و خطاب أوباما، هو أن الأول حين يخاطب العرب يتبع سياسة العصا و الجزرة، في حين أن الثاني يستخدم العصا وآيات القرآن الكريم!! تعلمت أن ليس كل ما يلمع ذهبا أو ليس كل ما يوضع في الواجهات الزجاجية في دكاكين الصاغة ذهبا أيضا، وليس كل ما تلبسه النساء في أعناقهن مجوهرات حقيقية، كما علمتنا أميركا أن كل الكذب والتدجيل يبدأ من الحديث عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية التي لن تسمح الولايات الأميركية بالتسامح حيال حقوق الفلسطينيين فيها، حتى لو لم يبق على وجه الأرض سوى فلسطيني واحد!! فليس لدى أميركا أي مشكلة مع العرب والمسلمين، مشكلة أميركا كما قال أوباما مع الإرهابيين أعداء إسرائيل .. يا ترى من كان يقصد أوباما بهذا التلميح .. مصيبة لو كان يقصد المليار والنصف مليار مسلم !! ولأن ليس كل ما يلمع ذهبا، فلم أستطع أن أتابع خطاب أوباما من قلب جامعة القاهرة التي هي في قلب مدينة القاهرة التي هي قلب العالم العربي، لأن قلبي لم يرتح لأوباما حتى اليوم، رغم وعود التغيير التي قاد تحت شعاراتها حملته الانتخابية، والتي حولته إلى أكثر السياسيين نفوذا وشعبية في تاريخ الولايات المتحدة إلى جانب العظماء أمثال إبراهام لينكولن وجورج واشنطن، لم يرتح قلبي له لأن المسلم يستفتي الناس ونشرات الأخبار ومحللي الفضائيات، لكنه في النهاية يصدق قلبه، وقلب العربي تعود على الدجل الأميركاني، خاصة حين يتعلق الأمر بتسويات جديدة تفوح رائحتها بقوة ضمن ملفات النووي الإيراني وحركة التطبيع الإسلامي مع إسرائيل التي وعد بها بوش ويفترض أن يكمل مسيرتها السيد الرئيس باراك أوباما!! ليس إيمانا ولا استسلاما لنظرية المؤامرة، لكنها لعبة السياسة الأميركية التي لا جديد فيها أبدا، سياسة ثابتة واضحة ترتكز على المصالح أولا والمصالح أخيرا، وتعتمد على حماية الاقتصاد العالمي و الأسواق الكبرى المفتوحة وموارد الطاقة ومصادرها العالمية، وهنا فإن إسرائيل تقع دائما في قلب هذه المصالح، إسرائيل الأموال الضخمة التي تحرك عجلة الاقتصاد الأميركي، إسرائيل جماعات الضغط العملاقة، إسرائيل قوى النفوذ في الدهاليز الخلفية للسياسة الداخلية والخارجية في أميركا، إسرائيل المتغلغلة في اقتصادات العالم ضمن منظومة مراكز المال العالمية، وهنا فإنه لا تغيير في الموقف من إسرائيل أبدا وعلى الإطلاق .. فأي رهان يحاول بعضنا بسذاجة أن يراهن عليه وهو يستمع إلى خطاب أوباما؟ لا رهانات، فالأمور واضحة، لكن أميركا تراهن علينا فعلا مع كل رئاسة جديدة، تراهن على الغباء العربي، على الخوف العربي، على انعدام الإرادة والسياسة والموقف العربي الموحد، تراهن على سقوط دورنا في الموازين الدولية كقوة ذات وزن ، تراهن أيضا على ذاكرتنا الضعيفة جدا! ayya-222@hotmail.com