أسوأ المقال هو الذي يكون في لحظات الانفعال وأسوأ الظلم هو الذي يأتي من ذوي القربى، وأنا أشاهد منتخب مصر يخسر أمام الولايات المتحدة ويضيع فرصة ذهبية في الوصول إلى نصف النهائي كأس القارات تخيلت المشهد وأشفقت على لاعبي المنتخب المصري على اعتبار ما ينتظرهم من حنق وغضب بعد نهاية المباراة. ولم يخطر ببالي أبداً أن يصل الغضب إلى حد التجريح واتهام اللاعبين في أخلاقياتهم وهم نفس اللاعبين الذين تم تصويرهم على أنهم أبطال تاريخيون في أعقاب مباراتي الفريق أمام البرازيل وإيطاليا. سرعان ما نغير أحكامنا وننزلق من أعلى درجات المدح إلى أسفل سافلين للقدح والذم لمجرد خسارة مباراة، والعجيب أن يأتي هذا التحول بين عشية وضحاها وخلال 24 ساعة فقط لا غير. استغل البعض حالة الحزن التي سادت الشارع المصري فصوبوا سهام النقد في كل الاتجاهات ولو كان الأمر يتعلق بأداء اللاعبين في أرضية الملعب لقبلنا، ولكن أن تصل إلى أخلاقياتهم واتهامات بناء على معلومات لا تستند إلى أدلة مادية من صحف أجنبية فهذا الشيء غير مقبول ويستحق وقفة. والمتهمون هم نفس اللاعبين الذين كانوا سبب أفراح الشعب ومنتخب كان بلسم أمل خفف عن المواطن المصري البسيط الكثير من آلامه وأنساه همه اليومي، كما أنهم نفس اللاعبين الذين كانوا يسجدون شكراً لله بعد كل هدف. زاد الأمر عن حده وزادوا الطين بلة، فغابت الموضوعية وأصبح الإعلامي كرجل الشارع الذي لا تحكمه ضوابط ولا يقف عند إشارات، والهدف كان الإثارة فلم يكن هذا المواطن الذي اتصل مطالباً بتوقيع أقسى أنواع العقوبة على هؤلاء المستهترين كما سماهم أو كما أوهموه سوى أول المخدوعين ولم يكن آخرهم. الإعلام سلاح ذو حدين وبعد خسارة مصر أطل علينا الحد البشع ونال من سمعة لاعبين يحبون بلدهم وقاتلوا بقوة من أجل إسعاد جماهيرهم وحالت الظروف وكرة القدم ومعطياتها دون أن تنصفهم وتكافئهم بما يستحقونه. محمد أبوتريكة فلاح مصري بسيط وصل إلى قمة النجومية في كرة القدم ولم تزده النجومية سوى تواضع فدخل قلوب الشعب العربي وهو مثال للاعب المصري الذي كان موجوداً في جنوب أفريقيا. ارفع رأسك يا «بوتريكة» فأنت مصري وليرفع الشعب المصري رأسه بهذا الفريق الذي شرف الكرة العربية وكان حديث العالم، فخسارة مباراة أو بطولة لا تعني شيئاً أمام خسارة الصدقية والثقة لدى البعض. التفاتة: دخلت الإثارة من الباب فخرجت الموضوعية من النافذة. راشد الزعابي