في الأسبوع الماضي استضافت الشارقة معرض التوظيف الوطني في القطاع المصرفي والمالي، وهو يعتبر من أبرز معارض التوظيف في الدولة، والتي تحاول أن تقدم فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص. خلال المعرض كشفت بعض الأرقام عن نسب التوطين المسجلة في القطاع الخاص، وهي أرقام متدنية للغاية، وخذ على سبيل المثال نسبة التوطين في قطاع التأمين لم تتجاوز 6.5% منذ أكثر من 15 عاما، وهناك أكثر من 40 شركة صرافة تخلو من مواطن واحد يعمل فيها، كما أن ثلث المصارف لا تزال نسبة التوطين فيها أقل من 20%. أمر غير معقول أنه بعد كل الجهود والسياسات التي اتبعتها الحكومة على مدار السنوات الماضية لتشجيع التوطين في القطاع المصرفي والمالي، تسجل نسب التوطين معدلات منخفضة لهذه الدرجة. إذا كان هذا الأمر يحصل في القطاع المصرفي، والذي يضم بين جنباته واحدة من أنشط لجان التوطين في الدولة وهي لجنة الطاير، فما هو وضع التوطين في القطاعات الاقتصادية الأخرى والتي لا نسمع عنها شيئا. بالتأكيد الوضع أكثر صعوبة، ولا أعتقد أن أحدا يختلف على أن الحكومة في حاجة إلى إعادة النظر في سياسات التوطين التي تتبعها، كما أنها بحاجة إلى إيجاد حلول أخرى أقوى وأكثر عملية، وإلا فإن مشكلة البطالة ستتفاقم في المستقبل لدرجة تستعصي على الحل. من هذا المنطلق نفهم قيمة مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، مطلع هذا الأسبوع في حل مشكلة البطالة وتسهيل مهمة شباب الدولة والخريجين في الحصول على فرص عمل من خلال إنشاء صندوق خليفة لتمكين التوطين. الإمارات في حاجة إلى مثل هذه المبادرات السيادية والتي من شأنها وحدها تقديم حلول جذرية لحل المشكلة، وعدم الركون على مبادرات القطاع الخاص، لأن التجربة أثبتت أننا سنظل نراوح مكاننا، إذا اعتمدنا على المبادرات الخاصة. إن أهم ما في مؤسسة خليفة لتمكين التوطين أنها ستقدم العلاج لواحدة من أبرز الأسباب التي حالت دون نجاح التوطين في السابق، والمتمثلة في ضعف الحوافز والمرتبات في القطاع الخاص، ما حوله إلى بيئة طاردة لا تجذب المواطنين. ولعل هذا الأمر جاء على مزاج بعض مؤسسات القطاع الخاص، ومنحها الذريعة في تجاهل التوطين على مر السنين، متحججة بضعف إقبال الشباب المواطنين على العمل فيها، ومسقطة عن نفسها أي مسؤولية. لكن من الآن وصاعدا لن تكون هناك ذرائع، ويمكننا القول إنه أصبح لدينا أخيرا حل حقيقي لمشكلة التوطين في القطاع الخاص، وحل لمشكلة البطالة على المستوى العام. سيف الشامسي Saif.alshamsi@admedia.ae