نتحدث عن المرأة العربية، ونصفها بأنها أخت الرجال، وأم الرجال، ونتحدث عن مكتسباتها، ونقول: إنها الطبيبة، والوزيرة، وعضو البرلمان، وسيدة الأعمال، والمهندسة، وهي المربية الفاضلة، والممرضة والشرطية، وسائقة الطائرة، والمعيدة وأخيراً القاضية· نحب المرأة، ونحترمها ونقدرها، ونعترف بجدارتها في العمل، والعلم، والبيت والأسرة والمجتمع، ومع ذلك نجد بين ظهرانينا اليوم، وفي زمن التحضر من يفاجئنا باحتقار المرأة، وتشويه صورتها، والتعامل معها كضلع أعوج، أو ناقصة عقل ودين، أو لا يعرف منها إلا الجسد لإشباع الرغبة، أو فرض جبروت التملك الذكوري، أو التمييز الاجتماعي، أو معاملتها كجارية، أو كأداة إعلان وترويج، للفرجة وحسب، أو كسلعة للبيع والتندر في مسرحية هابطة أو كحلم مراهق في مشروع انتحاري ''ديني - غيبي'' وإليكم بعض الأمثلة والنماذج العوجاء: - شاعر خليجي صدق نفسه أنه ''شاعر المليون'' اعتلى المنصة وأخذ ينشد: حبي ولا مثله مثيل يا بنات··'' تكرمون''!! والكلمة الأخيرة ''تكرمون'' لم تكن جزءاً من القصيدة، بل كلمة اعتراضية، اعتباطية، حشرها ''الشاعر'' وتوجه بها إلى الحضور ''وفيهم نساء أيضاً'' بكل صلف وغرور وتعال، وعادة ما تقترن كلمة ''تكرم'' حين ذكر النعال أو بعض الحيوانات أو بعض المهن التي لا تليق بالشرف، فكأني به يحط من شأن المرأة، ويعيدنا إلى عصر الحريم - العورة - السبي - النخاسة، ناسياً أنه من رحم امرأة، وأن الكثير من النساء يعتبرنه وأمثاله لا يساوون طرف ذائل ثوب يسحبنه على الأرض· كان الشويعر يريد أن يكرم الرجال، ويأسف لهم لمجرد ذكر ''البنات'' في القصيدة، وهذا قرار بوأد البنات حديث، اتخذه ''الشاعر'' الهمام في قصيدته، ولولا أن لجنة التحكيم - مشكورة - أوقفته عند حده، واستبعدته من المسابقة، لربما تمادى، وقال: ''عزكم الله''! - ومن الشعر إلى القبر! فهذا الشاب اليافع والمجاهد الباس ''أبو العيناء'' لم يتجاوز العشرين ربيعاً من عمره القصير، مسحت له ''الجماعات'' دماغه، وأوعدوه بالجنة ونعيمها، وباعدوه من النار وشرورها، فألقى نفسه في التهلكة، وفي منشأة مدنية عراقية مفجراً وباحثاً عن ''الحور العين'' هذا ما يقوله بنفسه في شريط صوتي على شبكة ''الانترنت'' يقول ''أبو العيناء'' من خلف مقود شاحنة ملغومة، وهو يودع رفاقه: ''لو كانت هناك امرأه جميلة خلف هذا الشجر، ومجهزة بكل ما تشتهي، هل تقول أريد أن أقضي غرضا آخر؟ والله أعرف اجابتكم، ستذهبون إليها مباشرة، ولابد من المهر الغالي لتزف إلى الحور العين''· - أما آخر عمليات التوظيف الرخيص لجسد المرأة في استقطاب الزبائن، فمن المؤسف أن يكون بطلها فنان كبير مثل عادل امام في مسرحية ''العيد'' ''بودي جارد'' التي عرضت مؤخراً في البحرين، فبعد فاصل من حمرة الخجل على وجوه العائلات التي حضرت المسرحية، إثر الألفاظ النابية بحق المرأة والمشاهد المؤذية والجارحة للأنثى، واللباس - من غير هدوم- لنجمة المسرحية التي قضت ثلاثة أرباع المسرحية في مشاهد خيانة زوجية مع البطل الهمام عادل إمام، تداعت تلك العائلات للخروج من القاعة· ولم أجد أكثر غباء ودهشة مما جاء في برنامج ''هن'' في فضائية الحرة مؤخراً، عندما طرحت قضية علاقة غير شرعية بين امرأة ورجل على بساط البحث، لقضية عادلة مثل قضية حقوق المرأة، لدرجة أن إحدى المشاركات طالبت بإلغاء مقولة ''وراء كل رجل عظيم امرأة'' كأنها عبارة تحط من قدر المرأة، وتضعها خلف الرجل، علماً بأنها تعتبرها صانعة العظماء· إن قضية المرأة، قضية أسرة تبنى، وبيت يزخر بالعطاء، قضية حب وانتماء لا شأن له بالصراعات والحروب والأباطيل والخيانات، المرأة هي نحن الرجال، وحبنا لها ولا مثله مثيل أو دليل·· وليس يصح في الأفهام شيء، إذا احتاج النهار إلى دليل·