نقابل كثيرين في هذه الحياة، ممن يسعون لإثبات جدارتهم بالفرص المتاحة لهم، يشتغلون على ذواتهم جيدا، ويطورون أنفسهم وأدواتهم في العمل وفي الحياة بشكل عام، النتيجة لا يصل إلى النجاح الحقيقي إلا أولئك المستعدون لهذا الطريق، وهو طريق ليس سهلًا أبداً، بالنسبة للمرأة فحين تنجح في مجال اعتبر لسنوات سابقة حكراً على الرجال فإنها بلا شك ستكون قد عبرت طريقاً صعباً وتخلت عن أمور أخرى مهمة لتنجح وتتفوق وتثبت أحقيتها، وستكون قد حظيت بعائلة لعبت دوراً كبيراً في وصولها لذلك النجاح الواضح، لا يعني هذا أن هناك من صنع نجاحها وأنها كانت مجرد دمية في المشهد، ولكن على أقل تقدير هناك من شكل عاملاً أساسياً لا ينسى أعانها بصدق لاجتياز الطرقات الأكثر صعوبة، قد تكون الأم التي شدت على يدها، وقد يكون، وقد يكون الزوج مع عديد من سماتها وقوة شخصيتها ! أعرف نساء جديرات بالنجاح، ذكيات بشكل لافت، متمكنات من أدواتهن، مثقفات ورائعات وذوات قدرات قيادية ملهمة، لكنهن لم يصلن إلى النقطة القصوى المستحقة لسبب ما، أحد أهم تلك الأسباب مسألة الموازنة المؤرقة بين تحقيق الذات والآخرين (الزوج، الأبناء) الذين يشكلون أهمية قصوى في حياتها، وقد يعود الأمر للاستلاب تجاه الظروف وسطوة الجماعة، فتتنازل إحداهن عن طموحاتها المستحقة لأن الجماعة (العائلة، المجتمع، الزوج...) لا يقبل بوصولها لتلك المنطقة الخطيرة من التحقق والتمكن، السرب عادة لا يريد طيراً يغرد خارجه، ذلك في قوانين فيزياء الطيران يشوش عليه حركته في الجو، فيصبح عبئاً بدلاً من أن يكون عاملاً مساعداً _ من وجهة نظر السرب – على انسيابية حركة التحليق. غالبية الناس والمرأة تحديداً تفضل البقاء داخل جنة الجماعة، فتأمن النبذ والقطيعة واتهامات الفشل ووصمات الخيبة التي يمكن أن توصم بها من أكثر الناس قرباً لها، بعض العائلات تفضل أن ترى عذابات بناتها ليل نهار على أن تحمل الواحدة منهن صفة مطلقة، وهناك من تحتمل قسوة ظروف العمل وسخافات العملاء وتفاهة رئيس القسم وربما تحرشات المدير على أن تقدم استقالتها وتخرج لأن هناك من العائلة أو الصديقات من سيقول لها بلا مبالاة « وكيف ستعيشين بلا عمل »! تلك التي تحقق تفوقها لابد أنها قوية بما فيه الكفاية وتستحق النجاح والتقدير لكن لابد أن هناك من وقف إلى جانبها وشد على يدها وهمس لها بصدق «استمري نحن معك » !