التجار متأهبون
لن ينتظر التجار طويلاً حتى يقدموا على رفع أسعار السلع والخدمات، لاستغلال الارتفاع الذي طرأ على أسعار المحروقات، حيث اعتاد بعض التجار رفع الأسعار من دون مبررات منطقية ومقبولة لدى جمهور المستهلكين .
التجارب السابقة أثبتت أن العدد الأكبر من التجار لم يتوانوا عن رفع الأسعار، متذرعين تارة بارتفاع أجور العمالة والإيجارات، وارتفاع أسعار السلع في دول المنشأ، وتارة أخرى بارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث لا تأتي الزيادة بصورة منطقية ولا تعكس واقع الارتفاع، ويبقى المستهلكون يتذمرون من مستويات الأسعار المبالغ بها.
واليوم ونحن نعيش وطأة الزيادة التي طرأت على أسعار مادتي البنزين والديزل، وندرك ما تشكله هاتان السلعتان من أهمية نسبية ومدى ارتباطهما بتكاليف إنتاج المواد، خصوصاً الغذائية منها، إضافة إلى تأثيرهما على أجور النقل والشحن والمواصلات، وفي ظل ضعف الرقابة على الأسواق، فإنه من غير المستبعد أن يلجأ التجار إلى رفع الأسعار بصورة مبالغ بها، مما يؤثر سلباً على القدرات الشرائية لدى المستهلكين، ويرفع من معدلات التضخم المستقرة.
المحروقات بقيت لسنوات طويلة تباع في الدولة بأسعار مدعومة، والقطاعات التجارية هي أحد أكبر المستفيدين من الدعم المقدم، لكننا لم نسمع يوماً عن مركز تجاري قدم تخفيضات على أسعار منتجاته وخدماته مقابل ذلك، بل بقيت أسعار السلع تباع عندنا بأعلى من مثيلاتها في الدول الأخرى، التي تتشابه معنا في طبيعة الظروف الاقتصادية.
ومن هنا يأتي دور وزارة الاقتصاد في إعداد دراسة حول مدى تأثير ارتفاع أسعار مادتي البنزين والديزل على التكلفة التشغيلية للقطاعات الإنتاجية المختلفة ومدى الحاجة إلى إجراء أي تعديلات على الأسعار، بالنسب المقبولة والمنطقية، وعدم ترك الحابل ليختلط بالنابل في القطاعات التجارية لترفع الأسعار بالطريقة التي تحلو للتجار.
كما أن على القطاعات التجارية أن تتحمل جزءاً من المسؤولية وألا تلجأ إلى الخيار الأسهل، وهو رفع الأسعار، خصوصاً أن ارتفاع أسعار السلع غالباً ما ينعكس سلباً على حجم المبيعات ويخفضه، فلا بد من اللجوء إلى أساليب أخرى تهدف إلى توفير النفقات وتقليص الهدر في استخدام المحروقات، وعندها سيظهر الفرق.
قد تؤثر خطوة رفع أسعار المحروقات سلباً على الأسواق والتعاملات التجارية على المدى القصير، لكنها في المدى الطويل تدعم حركة الاقتصاد، وتحد تدريجياً من الخسائر المتراكمة والمتزايدة التي تتعرض لها شركات توزيع المنتجات البترولية والناتجة عن ارتفاع التكلفة في الأسواق العالمية، وتخفف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة.
omar.rabaia@admedia.ae