تابعت واقعة يمكن أن يتعرض لها أي مستأجر لعقار ممن يطلقون على أنفسهم مستثمرين، والذين انتشر دورهم في السوق العقاري خصوصاً خلال الفترة التي كان يطلق عليها العصر الذهبي للسماسرة عندما كان المعروض من الوحدات العقارية أقل من الطلب. فقد كان أحد الأشخاص مسافراً إلى بلده في إجازة، ولما عاد وجد باب منزله مكسوراً، وقد تغير مفتاحه، فاستغرب الأمر، خاصة أن عقد الإيجار بين المؤسسة الحكومية التي يعمل بها، والمستثمر، ساري المفعول، وقيمته الإيجارية مسددة بالكامل. ذهب إلى قسم شرطة الشعبية فرفض الضابط المناوب فتح بلاغ بالواقعة من دون أن يقدم تفسيراً للمراجع. فراجع مركز شرطة العاصمة التي قال الضابط فيها إنهم ليسوا مركز الاختصاص كون الواقعة من اختصاص المركز الأول، واستغربوا رفض فتح البلاغ بينما تطوع آخر بالحديث عن وجود إجراءات جديدة أصبحت متبعة في مثل هذه الأحوال، تبدأ من عند النيابة العامة. وبعد رحلة بين المخافر والدوائر المختصة، عرف الضحية الذي قضى أيامه نزيلاً في أحد الفنادق، أن ما حدث له نتيجة لخلاف دب بين المستثمر ومالك العقار، واللذين كانت بينهما صولات وجولات وقضايا لا يدري بها المستأجر، ولا يعتبر نفسه طرفاً فيها طالما أنه سدد القيمة الإيجارية المتفق عليها في وقتها.
الواقعة كشفت وجود فجوة يدفع ثمنها أي مستأجر لا يعرف طبيعة العلاقة ونوعية الاتفاقات التي تتم بين المالك والمستثمر، وهي فجوة تظهر كلما وقع سوء تفاهم أو تقاضٍ بين الطرفين. ونتذكر هنا تلك الواقعة الشهيرة التي جرت في إحدى البنايات القديمة بالخالدية، والتي كانت تضم عشرات العائلات التي وجدت أمامها أمراً فورياً بالإخلاء، لأن المالك صدر له حكم نهائي بذلك لصالحه ضد خصمه المستثمر الذي لم ُيبلغ الساكنين بالتطورات ووجود دعاوى بينه وبين المالك؛ لأنه - أي المستثمر - وببساطة لا يريد إعادة المبالغ التي دفعها المستأجرون له.
كما أن هذه الواقعة تؤكد لنا من جديد مقدار حاجتنا لحماية السوق العقارية من ممارسات كهذه، تسيء إليه، وتشوه العلاقة الصحية والصحيحة التي يفترض أن تكون سائدة.
كما أن الواقعة تدعو دوائر الاختصاص، وفي مقدمتها لجنة المنازعات الإيجارية و”التنمية الاقتصادية” للعب دور أكبر في التصدي لمكاتب السمسرة العقارية و”مستثمري الغفلة” إياهم من الذين لا هم لهم إلا تحقيق الأرباح، ولو كان على حساب إلقاء عفش شخص بريء في الشارع لا علاقة له بما حدث أو يحدث بين المالك والمستأجر، وظهور مشاهد غير حضارية في عاصمتنا الحبيبة. وعلى لجنة المنازعات الإيجارية الموكل إليها تصحيح السلوكيات الجارية في السوق العقارية، وضع مبادرات تحمي حقوق كل الأطراف، وفي مقدمتها المالك والمستأجر، من ممارسات بعض هؤلاء المستثمرين الذين لا يتوانون عن أي شيء لتحقيق المزيد من الأرباح بلا وازع أخلاقي.
إن الواقعة التي ذكرت يجب أن تدفعنا للتحرك لوقف استغلال بعض هؤلاء المستثمرين لحاجة مستأجرين للسكن، ليجدوا أنفسهم بعدها في الشارع.


ali.alamodi@admedia.ae