زايد.. في غيابه حضور يملأ الوجدان، ويطوق الإنسان، ويطرف في القلب، كما هي أجنحة الطير، كما هي أوراق الشجر، كما هي الموجة الناصعة على الشطآن.. زايد في غيابه تتلو النجوم آيات الشكر لما فاض به من ضياء، وصفاء، ونقاء، فلا الدنيا عطاء وسخاء وثراء ورخاء، كلما وجهت وجهي وجدت القامة العليا، تهفهف فوق هامات السحاب، يا إمارات الخضاب، هذه الأعين ترنو لحبيب شفها الشوق حنيناً لمن أسس المجد في عقول العاشقين، وبنى للصرح حياضاً، طالعات في السماء، تهتف أي أرض هذه أنجبت نجماً ما غفى يوماً ولا ملّ الطلوع، إنه زايد، وزايد، يسكب الحب فناجين عطاء، ويضاهي في عطائه كل أنهار الدنى، ويوازي في سخائه مخمل البحر المجيد. زايد.. زايد، وزايد، لا تغيب، فالثرى يحضن قلباً لا يزال، نابضاً، ناهضاً في شرايين الملايين، كلهم قالوا رحم الله زعيماً، أنعم الله عليه بالبهاء، نحن أبناء وأجيال تباهت بزعيم خصَّه الله بأضواء الخصال، وبريق فاق بالرونق أقماراً وسواراً، وحباه الله بقلب مثل أنوار النهار كلما لاحت شموس، قالت الشمس إلى الليل، كفى سواداً، فزايد شمسه أكبر من فضاءات السواد. هذه الأقلام تجف، ولا تكفي الصفحات سيرة زايد، صفحات وصحاف وكتب، وقواميس تزهت بفضائل لا لها في الأبعاد حدُّ، هي في البعد مد وامتداد ومدى، هي في الآفاق سعد ومهد ونهد، هي في الأعماق بحر، كم سقى الشطآن بالمد، وأعطى دون حد ولا رد. سيد الأرض، تمادى في هطول مثل غيمات السماء، مثل أحلام الطيور اليافعات في الفضاء، كل شيء في حياة الناس، كل شيء حولنا ينطق زايد، إنه عقد الفرائد والقلائد شامخات في الصدور، راسخات في القلوب، جامحات مثل أعناق الجياد، والبلاد والعباد، كلها ترفع الأيدي، وتدعو رحم الله زايد، وزايد في نعيم الخلد يسكن، وقلوب نبضها ينطق زايد، دمها يهتف زايد، كلها الدنيا تقول إنه زايد، وزايد في كرى الناس وفي الصحو نعيم، وزايد في الجهات وفي اللغات، في الكنائس في المساجد، تكتبه الأخفاق شعراً وقصائد، في المكان في الزمان، في الدجى والصبح زايد، مطر يغسل حلمنا وعلمنا، ويومنا، ونخوات الجداول، زايد.. وزايد، هو للشعر وزن وللحب قوافٍ، هو للقصة عصر وفجر، هو للأحلام نهر، وزايد قاب قوسين من الرمش، من القلب، من الوعي، إنه الوعي في عقول الكائنات، إنه زايد وزايد حلم إنسان الإمارات. رحم الله الشيخ زايد بن سلطان وأسكنه فسيح جناته.