إن الحوادث المرورية تشكل هماً وطنيا وهاجسا يؤرق المجتمع؛ لما يخلفه من آلام نفسية لذوي المتوفين وما ينتج عنه من آثار سلبية اجتماعية واقتصادية، وإن الحد من مشكلة الحوادث المرورية يتطلب تضافر الجهود المشتركة بين وزارة الداخلية والمؤسسات الوطنية المختلفة، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال تجاهل العدد الكبير من حوادث السيارات التي تقع على مدار الساعة أو الأعداد المتزايدة من الوفيات والإصابات الناتجة عنها، حيث تعمل العديد من الجهات للحد من هذه المعضلة القاتلة الدكتور محمد الحوقاني استشاري أمراض التنفس والنوم بكلية الطب والعلوم الصحية في الجامعة أعد بحثا في هذه القضية وفي توصياته حذر من خطورة القيادة تحت تأثير النعاس والإرهاق، نتيجة السهر لساعات متأخرة من الليل، وخاصة في شهر رمضان، حيث يعد سبباً رئيسياً لوقوع حوادث المرور، نتيجة لمغالبة النعاس والإرهاق عند السائقين وأوضح أن 79% من السائقين الذين أصيبوا في حوادث مرورية وقعت في رمضان، كانوا يقودون سياراتهم بسرعة لم تتجاوز 100 كم في الساعة، حيث تبين أن 85% من الحوادث التي وقعت نتيجة النعاس، أسفرت عن تدهور المركبة، وأن 42% من هذه الحوادث وقعت خلال شهر رمضان، وأن غالبية المصابين هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة ولفت إلى أن 5% من إجمالي 444 سائقاً من مختلف الجنسيات ممن أصيبوا بحوادث المرور شملتهم الدراسة، أصيبوا نتيجة القيادة على الطرق السريعة صباحاً تحت تأثير النعاس خاصة خلال شهر رمضان. وأظهر عدد من الدراسات أن هناك تفاوتا كبيرا قد يحدث في سرعة ردود أفعال السائقين، التي قد تتراجع أحيانا بنسبة 50% بعد أربع ساعات من القيادة المتواصلة، وهو ما يعادل نفس الدرجة من ردة الفعل لدى الشخص الذي يقود السيارة على الطريق تحت تأثير الكحول. وللحد من مشكلة الحوادث الناتجة عن النوم أثناء القيادة فإن أنظمة المرور في كثير من الدول تمنع السائقين المصابين باضطرابات النوم التي تؤدي إلى زيادة النعاس من القيادة حتى يتم علاجهم طبيا. كما أن بعض شركات السيارات بدأت في تطوير بعض الأساليب التي تكتشف نعاس السائق لتنبيهه عند حدوث النعاس كقياس عدد طرقات العين، والتي تزيد عند النعاس كما أن بعض الشركات تحاول قياس نشاط المخ الكهربي أثناء القيادة فيما تحاول شركات أخرى تركيب كاميرا أسفل السيارة لاكتشاف ميلان السيارة البسيط عن مسارها الطبيعي وغيرها من المحاولات إدراكا من المصنعين بخطورة النعاس أثناء النوم ... يقولون النوم سلطان، ذلك لأن السلطان لا يرفض له طلب ... والنوم كالسلطان إذا حضر لا يرفض له طلب ويجب أن تنام ... لأنه حين يتملك منك لا يمكنك أن تخالفه أبدا ... أبدا ! وللتغلب على هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، فإنه لا بد من اعتبارها من الأولويات وتسخير القنوات الرسمية والإعلامية والتربوية للتوعية بها، ونشر ثقافة وعادات النوم الصحي والاهتمام بتشخيص وعلاج اضطرابات النوم التي تزيد احتمال الإصابة بالنعاس أثناء النهار. جميل رفيع | jameelrafee@admedia.ae