الأسرة خلية المجتمع الأولى ولبنته الأساسية، ومضغة القلب الجوهرية ومحور الروح في المجتمع·· من عقدة هذا الكيان الصغير يولد الصالح والطالح المستقيم والمنحني المتطرف سلوكاً والمنسجم المتشنج والمتصالح مع نفسه والآخر·· من هذه الجمرة الصغيرة تبدو الشرارة الأولى إما حارقة مهلكة، أو وامضة مضيئة·· ونحن وفي خضم الحركة الاجتماعية المتسارعة ذهبت ثوابت وذابت مرتكزات وغابت أصول واندثرت أحلام وتشعبت أهواء ونوايا وأصبحت بعض الأسر، مجرد وكر للتكاثر والتناسل لا غير، وأصبح الفرد مجرد رقم يضاف إلى أرقام ليلتحق بالشارع خاوياً، فارغاً فتلتقطه عقول متربصة وتختطفه نفوس مريضة فيكون صيداً سهلاً طيعاً للانحراف والانجراف نحو غايات وغوايات كارثية لا يستطيع مقاومتها كونه لا يحمل من مقومات الوقاية والمناعة الفكرية التي تحصنه وتقنن سلوكه·· بعض الأسر لا تملك من مشاريع التربية السليمة، ولا يتوفر لديها المخزون الكافي، لتنشئة جيل يتطلع إليه المجتمع، كعنصر من عناصر نهضته ورقيه - وتحت سطوة هذه الفوضى الأسرية العارمة والانفلات القيمي وتزحلق الأفراد، على رمال متحركة لا يمكن أن يشب شارب، إلا على الضمور الأخلاق مما يسهل إحتواءه وسرقة طاقته باتجاه فئات وجماعات نصبت الشراك وبسطت الشباك لشباب من أبناء الوطن ليصحبوا أدوات تدمير وأسلحة تفجير وأواني تملأ بالأحقاد والنظرة التشاؤمية السوداوية تحت مبررات ومسوغات مختلفة· ثقافة الأسرة مهمة وأخلاقها التربوية ضرورية وعنايتها بأفرادها جوهر المشكلة والحل، وتخلص الأسرة من التفكك والانهيار مسألة أصبحت ملحة ولا مجال للتساهل في أمرها· اليوم والمجتمع أصبح يواجه حرباً شعواء تمس ببنيته وكيانه وسيادته أصبح من الضروري التوجه نحو الأسرة وأدخالها ضمن العمل الوطني فهي الشريك الأساسي، في بناء المجتمع ومحاربة الانحلال الأخلاقي والتطرف الفكري، أصبح ن الضروري الانحياز نحو الأسرة لتشذيب عناصرها من درن الاختلالات النفسية والانحرافات العقائدية والتوجهات الدينية التي لا صلة لها بواقع المجتمع، وموروثه الديني· مصالح المجتمع تتشابك بقوة مع مصالح الأسرة وإذا استطاعت الأسرة أن تنمي روح الانتماء للوطن وحب الأرض نشأ المجتمع سليماً معافى من أهواء الذين لا يريدون له غير الانحطاط والاحباط وولوج الدوائر الشيطانية المغلقة ·· نحن بحاجة إلى الأسرة التي ترفع من شأن أفرادها وتلحقهم بالمجتمع كبناة مستقبل وجنود حقيقيين يشكلون الدرع الواقي، من أي صلف أو تزلف أو حيف·· نحن بحاجة إلى هذه الأسرة التي تنسجم مع مكونات المجتمع، ومؤسساته الثقافية ليشكلوا جميعاً نهراً خالداً يسقي جذور الوطن بالولاء والحب والانتماء والبناء·· بناء المجتمع على أسس تربوية واعية لا تشوبها شائبة ولا تخيبها خائبة ولا تسومها سياط المتخلفين عن ركب الحضارة وموكب التقدم والازدهار·· نحن بحاجة إلى الأسرة التي تأخذ بزمام المعرفة وتخلص أبناءها من حزم الخرافة وتحررهم من أوثان الإدعاءات والافتراءات على الدين وما نشأ عليه الوطن من قيم ومبادئ الأخلاق الرفيعة والانتماء إلى الأرض من الماء إلى الماء، دون فواصل عقائدية، أو مفاصل دعوية باهتة··