لا أدري لماذا أنا مشغول كثيراً وفرح كثيراً بأن يعاد لمحاضر ليوا، هذا الاهتمام وهذه الاحتفالية الجميلة والمهمة، والأكيد مهمة لمنطقة سكنت ذاكرة أهلنا كثيراً· منذ الطفولة سمعت بهذه المنطقة من خلال بكاء العجوز ميثة التي حملتها القوافل القديمة عبر طريق طويل من ليوا إلى أبوظبي، ثم استقر مقامها الأبدي في طرف أم سقيم، حيث لا مساكن تفصلها عن أولى خطوات الطريق الجدباء إلا الفضاء والصحراء الممتدة والسباخ الطويلة والسيوح الحارقة في القيظ والصيوف، والباردة جداً في الشتاء، خطوات قليلة نحو الغرب ثم تغيب عنك المدينة الساحلية وتذهب البيوت السعفية خلف ''الال'' أو ''سريب ولالة'' كما يقول أهلنا، عندما ينعتون سراب الصحاري الذي يمتد عادة مثل نهر طويل· العجوز ميثة التي تركت مزرعة النخيل في ليوا، والتي كانت تعتقد اننا نحن الصغار الذين يجمعنا ''فريج المحاربة'' المنعزل في الطرف الغربي من آخر مساكن أم سقيم، كما استنجدت بنا عندما زاد خرفها، ووقتها لم نكن نعرف عن ماذا تتحدث، وما أهمية نخل أو مزرعة نخيل خلف الكثبان الرملية البعيدة وهي القاطنة بأمان وطمأنينة وحب وسلام وخير على ساحل البحر وبساتين النخيل التي تحد مساكن الصيادين من الجنوب· رحلت العجوز ميثة ونسينا عويلها على نخيلها وعلى منطقة ليوا البعيدة التي لم نكن نعرفها إلا من خلال أحاديث الأهل الذين نسوا منطقتهم خلف الرمل البعيد، ولكن للحياة دورة واسعة ومتغيرات كبيرة· اليوم تبرز ليوا عبر أجمل برنامج وأهم رؤية تقدم لهذه المنطقة والتي يجب أن نقدم كل الشكر والتقدير والثناء الى صاحب هذه الفكرة وراعي برامج النهوض بهذه المنطقة المهمة، والتي كانت ذات أهمية تاريخية قديمة في الصحراء وأطراف الربع الخالي، حيث كانت من أهم الواحات التي تزخر بالحياة· طاف بخاطري هاجس أن أقف على قبر العجوز ميثة وأحادثها، عسى ان تسمع روحها المرتحلة خلف النخيل: اطمئني أيتها العجوز الكريمة، فقريتك البعيدة ليوا اليوم في أبهى عيدها، بل هذه الأفكار الجميلة تعيد النخيل فرحها وتعيد لقريتك البعيدة الفرح والازدهار· ibrahim_mubarak@hotmail.com