مريت عالدار شفت الدار ولعة.. الناس مهمومة وتحتسي الدمعة.. ويا لوعة المكسور، حين يذهب خريج جامعي باحثاً عن وظيفة فلا يجد غير الصدود وأبواب مغلقة، والحظ موؤود مجلود، مكدود، لا يملك المخفور بالمحظور، إلا أن يقول: أنا لست حفار قبور، حتى أبقى في ويل وثبور، أنا ابن الإمارات، السخية البهية، العطية، الندية، فافتحوا الأبواب واشرحوا الألباب، فإني سليل أرض أعطت وسخت وما بخلت، إني من نسل وطن مد الأيدي والبصر، لكل سائل متعثر، فلماذا كل هذا الانغلاق، والانسحاق تحت طائلة الممنوع، المشفوع، لا شاغر ولا وظيفة·· أليست هذه عبارة سخيفة تكسر ولا تجبر، تحقر ولا تمطر، تضور ولا تقطر· يقول الخريج، كان الطموح قبل التخرج باتساع البحار، وعلو الأبراج، وصخب الأمواج، كانت تاجاً وسراجاً، واليوم تدور الدوائر وأنا في حومة الوزارات والدوائر حائر، خائر، ساهر استجير بالرمضاء من نار ومن نار إلى نار، يتوه العقل والنفس تسأل، لماذا كنت إذاً أتعجل وأسهر الليل وأقول لا تؤجل·· لا تؤجل؟ فالحياة قطار سريع لا يتمهل·· فإذا بالقطار يحصدني، والشهادة التي تمنيتها صارت عادماً تذروه الريح، والقلب الجريح، تدميه اللاءات، والفظاظات، وبعض ما يفوه به المسؤولون من لا مجال للتوظيف ولا حتى احتمالات، فالضوء خافت، والطريق باهت، والأمل ميت ميت، والشهادة التي أحملها شهيد مكفون، مغسول بدم الاغتيال، ساعة الاحتيال على الواقع، والواقع يقول إن الشهادة مجرد كذبة إبريل، أو حمل كاذب، صاخب بالانتظار، انتظار مالا ينتظر، واحتمال ما لا يحتمل، واختصار عمر يذهب هباء، أدراج رياح الذين يهزون الرؤوس ويمطون الشفاه، قائلين: انتظر لا تنفجر، لا تنكسر، غداً تفرج، والفرج لا يأتي لأنه أسير أدراج مغلقة، مغلفة بإهمال الذين لم يحفظوا في حياتهم غير لا·· ''ولا'' تفتح عمل النسيان، والفقدان، ومساحة واسعة من الفقر والتصحر، وإن قال الصابر سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري، داهمته الحاجة لعمل، فقال: الصبر مُرُّ، فمن يا ترى يبشر الصابرين، القابضين على جمرة الحيف، وصخرة الشظف، وجبل ضخم اسمه ''الأسف''·