قرار دولة الإمارات وشقيقاتها المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر واليمن وليبيا، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ووقف حركة الطيران ومنع دخول الرعايا القطريين لبلدانها جاء بعدما طفح الكيل من استمرار الدوحة اللعب بالنار بتدخلها في الشؤون الداخلية لهذه البلدان، ودعمها للإرهاب وإيواء الجماعات الإرهابية المتطرفة وفي مقدمتهم «الأخوان المتأسلمين» واستمرار التحريض وشق الصفوف عبر أبواقها الإعلامية والمنصات الدائرة في فلكها والارتماء في أحضان إيران. أصرت قطر على عدم اتقاء غضبة الحليم، والإنصات للناصحين المخلصين بالتوقف عن عبث وجنون تمارسه، ولا مصلحة حقيقية لها ولشعبها فيه بالخروج عن الصف الخليجي. ولكن جنون عظمة الأوهام صورت لصاحب القرار في الدوحة قدرته على القيام بدور أكبر منه فأصم أذنيه عن صوت العقل والحكمة الغائبين تماماً عنه. لم يكن نتصور في يوم من الأيام أن نغلق أبوابنا في وجه شقيق، ولكن هذا ما اختاره حكام قطر لشعبهم الذي وجد نفسه بين عشية وضحاها معزولاً براً وبحراً وجواً إلا مع إيران «الحليف» الذي يراهنون عليه على حساب روابط الأخوة ووشائج القربي والمصير المشترك الذي يربطهم ببقية أشقائهم في دول مجلس التعاون والعالم العربي إجمالًا الذي لم تسلم أي دولة فيه من التدخلات القطرية لصالح جماعة مأزومة وتنظيم مأفون بلا ولاء أو انتماء، وذي تاريخ حافل من الدسائس والمؤامرات والخراب والدمار والدم. كنا نعتقد أن ما جرى من تعامل مع قطر في العام 2014 كفيل باستعادة الدوحة لتوازنها وانتهاج سياسة عقلانية تضع المصلحة الوطنية والخليجية والعربية في المقام الأول، ولكن من اعتاد نكث العهود ونقض المواثيق يصعب عليه تغيير مسلكه، فوجدنا الإصرار القطري على المضي في ذات الاتجاه العبثي والمغامر لزعزعة أمن واستقرار البلدان. خلال ما سُمي بالربيع العربي بلغ جنون العظمة القطري أوجه، فقد كانت بصماتهم في كل مكان، اعتقدوا أنهم بالأموال قد حسموا كل شيء وأن المخطط قد نجح وقناة الفتنة تطبل وتلمع وتؤجج نيران الأحقاد، قبل أن ينقشع الغبار عن الأنقاض والركام وصور الأشلاء والنازحين والمهجرين. صبر الإمارات والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وكذلك البحرين ومصر على العبث والتهريج القطري كان درساً في الحكمة لمن أراد أن يتعلم ويصحح مساره، ولكن انتهى الدرس.... وقضي الأمر.