يبدو عنوان اليوم غريباً وغير متوقع، وهو كذلك بالفعل، ليس رغبة في لفت أنظار القراء للمقال أو استفزازهم لقراءته من باب خالف تعرف، ولكنني كنت أتابع أخبار كاتبة شابة إماراتية كانت ذات يوم إحدى طالباتي، وقد التقيتها في جريدة البيان، حيث أمضيت قرابة الثماني سنوات رئيسة للقسم الثقافي فيها، كانت قد أنهت دراسة التاريخ في الجامعة اللبنانية وتخصصت في التاريخ تحديداً تأثراً بي، كما ظننت أنها قالت عندما سألتها عن سبب اختيارها لهذا التخصص، المهم أن هذه الفتاة قد أصبحت واحدة من كتاب الرواية حين أصدرت العام الماضي روايتها الأولى «سلطنة هرمز»، والتي ملأتني بالاعتزاز فعلاً، فتيقنت أنها درست التاريخ كمن يستشرف المستقبل دون أن تعرف ذلك في حينه، حيث جاءت روايتها كأول رواية إماراتية تاريخية بالمعنى الحقيقي للكلمة، لقد كنت مستغرقة في تتبع ما يكتب عن رواية «ريم الكمالي»، حين وجدتها تكتب عن ضرورة السعي لمحاربة ما يضر البيئة كالغازات الكربونية مثلاً، فبزغ في ذهني هذا العنوان مباشرة! عنوان على طريقة «التناص» في الأدب، ولا بأس أن يفكر الطالب والأستاذ في الأمر ذاته، وتسعى أجيال مختلفة التوجهات والرؤى نحو هدف واحد، خاصة حين يكون هذا الهدف في صالح كل الأجيال، لماذا علينا كباراً وصغاراً أن نستسلم لطاحونة الأسى والاكتئاب والأمراض التي تطحن الإنسان في كل مكان من وطننا العربي؟ لماذا علينا أن نتفرج على الحروب الدائرة، فإما ننضم إليها وإما أن نغلق علينا الباب ونعتزل الحياة، لماذا لا نحارب الحروب البشعة بحروب جميلة، ذات قيمة وفاعلية ومنفعة؟ لماذا لا نعلن وبشجاعة حروبنا النبيلة والمشروعة في سبيل عالم أفضل وأكثر أماناً؟ وبدل أن نقتل بعضنا بغباء وننحر شبابنا بغباء ونهدر وقتنا وجهدنا ومواردنا بمنتهى الغباء؟ لماذا لا نعيش بشكل أفضل ونربي أبناءنا في عالم أفضل، لماذا لا نكون أكثر ذكاء من أصحاب مشروع الخراب، فنعمد إلى محاربة القبح بالفن والجهل بالعلم والغباء بالثقافة والأمراض بالمزيد من الأبحاث وبناء المختبرات، ونحارب التلوث بالكثير من اليقظة والوعي والاهتمام بالبيئة وتنويع مصادر الطاقة والاستعاضة عن البنزين والفحم والبترول باستخدام طاقة الماء والشمس والرياح والأمواج تماماً كما تفعل الإمارات اليوم ؟ نحن شعوب وبلدان نقع في وسط العالم، في بؤرة التمركز البشري منذ بدء الخلق، وفي مركز اهتمام العالم، وعلى أراضينا اشتعلت حروب بلا عدد، كثير منها لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولكنها خطايا السياسة وضريبة الجغرافيا، فلماذا علينا أن نضيف لتلك الخطايا والضرائب غباء البشر أيضاً؟ لماذا لا تكون معركتنا الدائمة ضد الحرب من أجل السلام وضد إشعاعات وآثار الأسلحة من أجل مستقبل خال من الأمراض والسرطانات القاتلة؟ لماذا علينا أن نقف مع هذا وندعم ذلك ونناصر ذاك كما يفعل الكثيرون في المنطقة؟ لماذا لا نعلن حروبنا الحقيقية من أجل حياة صحيحة وغير مهددة بالفناء بأمراض وأوبئة قاتلة لأجلنا ولأجل أبنائنا ولكل البشر الذين سيأتون بعدنا؟ هذه هي الحروب المشروعة والجميلة والتي تستحق أن نندفع إليها لأنها المرادف الحقيقي والأكثر وضوحاً للحياة كما أرادها الله لنا وكما يستحقها الإنسان الذي يستحق شرف إنسانيته! ayya-222@hotmail.com