يمكن أن يكون وصف ما تجريه الدول الأوروبية وسفاراتها بالأمور الاحترازية، هو ألطف نعت، ولا أدري إن كان بالمقابل نحن نعامل الأوروبي القادم إلى بلدنا بمثل معاملتهم للمواطن هنا، رضينا أن تكون بصمة للعين، كأمر واجب في المطارات، وهو إجراء سريع وكاميرا تخطف على كل الرؤوس، لكن هذه المرة يجبرون الزائر لبلادهم أن يبصم، وهو إجراء أمني قديم كان مطلوباً من السجين أو مرتكب الجرم أن يفعلها لكي تحتفظ الجهات المسؤولة بملف له خاص ومتكامل، ولا ندري أن كان طلب تأشيرة يتطلب أمراً كهذا، خاصة وأن البدائل موجودة دون إمتهان للإنسان، ولا أعتقد أن أميركياً أو بريطانياً يمكن أن يبصم لأنه مقدم على طلب تأشيرة لزيارة الإمارات أو يمكن أن تقوم سفارتنا في لندن أو واشنطن وتطلب من مواطني هذه الدول أن يفعلوها كما نفعلها نحن هنا صاغرين.
لقد أصبحت طلبات السفارات الأوروبية مثل “عزر الزيارين” لازم تعمله، ولو كنت غير مقتنع به، المهم أن تلبي شرط”الأسياد” وما يطلبون، تحمل لهم صورة بالزي الرسمي مع ابتسامة تنم عن غنى غير مؤكد تماماً، وأجتهد المصور لكي يعمل لها خلفية بيضاء، وبعض السفارات تطلب خلفية زرقاء لا تعجبك كثيراً مع الوجه “الأملح”، فيطلبون منك صورة بديلة بدون سفرة وعقال، فتقول لهم “عيب عندنا” ليس هناك رجل يرتدي كندورة ورأسه حاسر، “منقود، قلة معنى ومذهب” فيلزمونك بلبس لباسهم حتى تحصل على التأشيرة، وحين ترضخ لطلبات “الأسياد” يشرطون من جديد أن تظهر أذنيك اللي مثل “مغارف الصَلّ” ولا تبتسم لكي لا تتغير ملامح وجهك “الإرهابي” ويمكن أن يأتي زمن ويطلبون منا أن نضع صورنا في جوازاتنا بلباسهم “الأفرنجي” مثلما “عقوا براقع حريمنا” وأصبحنا نتبرأ من صورهن التي في الجوازات لأنهن “غير شكل”.
طلبنا تأشيرة “حق عيايزنا” قالوا لازم تعملوا تأميناً صحياً دولياً لكل امرأة تخطت الستين، ولا واحدة رضت أن تعترف بالستين “وايه يا أمي بالستر بعدني صغيرة” وبين عدم اعتراف الحرمة وتعنت السفارات ظهرت مشكلة أخرى أن شركات التأمين لا تقبل أن تؤمن على امرأة عدت الستين عاماً، وتعال حل هذه المعضلة، لكنك تتفكر.. وتتذكر أن العجائز الأوروبيات السائحات و”اللي تتطيح عليهن العين قدهن رجعن كيج العداد مرتين، وما هزري طلبنا منهن ضمانا أو تذكرة نقل جثمان”.
لكن شو تقول: إذا نحن في الدولة نطلب على المواطن شهادة حسن سيرة وسلوك، ولا نطلبها من القادم للعمل، رغم أنها ضرورية لبياض صحيفة أعماله، فما أدراني أنه لم يدخل سجناً أو أرتكب جرماً أو حاول أن ينصب أو يحتال على مصرفنا المركزي الهادئ والذي في حاله في شارع بينونة!


amood8@yahoo.com