عندما نتحدث عن الشفافية بين المسؤول والصحافة فإننا نتحدث عن قيم ومعايير ترقى في العرف الى مكانة الدساتير أذ لايمكن لطرف من الطرفين أن يقلل من دور الآخر أو يهون من شأنه، ومن هنا فإن أعتماد الشفافية كأسلوب في التعامل كفيل بإضفاء مزيد من التطوير على مسيرة الصحافة، بل في تصوري إن هذه الشفافية هى سياج الأمان الذي يحمي الصحفي والمسؤول معا ويرسخ قيما وتقاليد ينبغى عدم تجاهلها ·
لايمكن للصحافة أن تعمل بحرية وموضوعية دون الأستناد الى منظومة شفافة في الاداء المهني،ولعله من المفيد التذكير بالدور الوطنى للصحافة باعتبارها شريكاً أساسياً في التنمية الوطنية التي يشهدها المجتمع، وبدون سلامة الجسم الصحفي وتمتعه بالأداء المهني الشفاف فإن سلامة التنمية كمخطط وبرنامج واستراتيجية في المقام الأول تكون في مهب الريح·
وفي ضوء جدلية هذه العلاقة وتكاملها المنشود بين الصحافة من جهة، والمسؤول، أي مسؤول من جهة ثانية فإنه من الضروري التذكير بعدد من النقاط المهمة، والتي يرتكز عليها ذلك النموذج من التعاون المشترك بين الطرفين، فالصحافة إذا لم تكن واعية لدورها الوطنى،والصحفي إذا لم يكن مدركا لطبيعة هذا الدور فإن عللاً كثيرة من شأنها عرقلة نمو هذا الدور وتفعيلة بالصورة التي تخدم المجتمع وتنهض بطموحاته وترصد همومه وتثير النقاش الموضوعى حول مشاكله وقضاياه الوطنية·
وفي المقابل فإنه لايمكن لمسؤول أن يجسر علاقة جفاء مع الصحافة لأنه في هذه الحالة لايقف في مفترق طرق مع الصحافة كجهاز أعلامي،بل في مفترق طرق مع المجتمع الذي تعتبر الصحافة ضميره وعينه التي لاتنام، وبعض المسؤولين الاداريين يحلو لهم أتباع سياسة مغايرة مع الصحافة، وهي سياسة لاتستند الى فلسفة الشفافية بل ترتكز الى مفاهيم عتيقة على طريقة ذلك المثل الذي يقول الباب الذي يأتي منه الريح سده واستريح ومن هنا فإن هؤلاء المسؤولين في بعض الإدارات يظلمون إداراتهم التي يتربعون على قمة الهرم فيها ، ويظلمون أنفسهم عندما لايحسن كل منهم فتح قنوات متنوعة من الشفافية والصراحة والمصداقية مع الصحافة·
لايمكن القول إن الجسم الصحفي معصوم من العلل أو الأخطاء، ولايمكن القول إن الحكمة والدراية حكراً على هؤلاء العاملين في الصحافة ولايمكن القول إن الصحافة التي تنصب من نفسها قاضيا على الاخرين هى النموذج المنشود، ولكن مايمكن قوله هو أن الفهم الواعي لدور الصحافة ورسالتها في الإخبار بكسر الألف والشرح والتفسير والتوجية والإرشاد ودعم نهضة المجتمع هو ذلك الدور المرتجى من الصحافة، فالهدف في النهاية هو نهضة الوطن ورقية ·
وهذا مايدفعنا للاعتقاد بأن نموذج الشفافية هو الوحيد الكفيل برسم ملامح علاقة فعالة بين الصحافة والمسؤول، وبين الصحافة والمؤسسة، والصحافة والمجتمع بمختلف فئاته وشرائحه المتنوعة·
وفي الجلسة الرمضانية التي التأم فيها عقد الصحافة برعاية سمو ولي عهد دبي، وبحضور سمو وزير الاعلام والثقافة، والتي كان محورها الاساسى الشفافية والمصداقية والجرأة، وجد الصحفيون أنفسهم أمام جلسة تاريخية على الجميع من رجال الصحافة والمسؤولين تحليل مضمونها، والافادة منها في تدشين استراتيجية شاملة لأداء يعتمد الشفافية ولايرضى عنها بديلا·