في السفينة التركية التي هاجمها الجيش الإسرائيلي والسفن الأخرى في أسطول الحرية، الكثير من دعاة حقوق الإنسان، وبعض الكتاب والفنانين، بالطبع من أوروبا ودول أخرى، حيث يستطيع الفرد هناك في الدول الديمقراطية أن يدافع عن أفكاره وقناعاته بمطلق الحرية، بعيداً عن الأساليب التي تستخدم في العالم الثالث! هناك يمكن أن يدافع الفرد عن مبادئه ورؤيته للحياة العامة والخاصة دون أن يقمع، أو تصادر أفكاره. هؤلاء الكتاب والفنانون، ماذا سوف يُسطِّرون عن هذه البحار المحاصرة، وهذه الأسوار الممتدة حول الناس من كل جهة. أن يتحول الإنسان إلى كائن يبحث عن حريته حتى وإن حفر الأرض مثل «يربوع»، وجعل هذا الخندق هو شريان الحياة. إنها جريمة وإهانة للإنسانية في هذا العصر، بالتأكيد شيء يدعو إلى التأمل والكتابة، حيث إن الإنسان دائماً يبحث عن حريته وإن حفر خنادق طويلة حتى يتنفس الحياة ونسيم الحرية. الحياة في غزة كلها مثيرة ومحرضة للكتابة عند الذين يعرفون الحرية والإنسانية، وكيف يجب أن يعيش الإنسان حراً كما خلقه رب السماء. فالحصار والعذاب الطويل للناس هناك، جعلا بعضاً من كتاب الحرية يعبرون الخطر والبحر في سبيل كلمة حرة وكتابة تأتي من الواقع والناس المعذبين. وحدنا في هذا العالم العربي يقتلنا الخوف والقمع الطويل الذي ساد هذا الشرق، حيث لا يجعلنا نبتكر أفكاراً جديدة للوصول إلى مواقع الأحداث والكتابة عنها أو تجسيدها في أعمال فنية أو مسرحية أو شكل من الأشكال الإبداعية الأخرى. بل وصل الأمر بنا في بعض الأقطار بألا نغضب من هذا الظلم الشديد على الناس هناك. حتى وإن تجرَّأ أحدنا وسطَّر رأيه بحرية وصحوة ضمير، فإن الكتابة لن تمر إذا تناولت الظالم الحقيقي في هذا الزمان!! هؤلاء الذين قطعوا البحار والمسافات الطويلة في سبيل الإنسانية، بالتأكيد سوف يسطرون كتابة أخرى، عن الوجه الآخر للعدالة في زمن القمع الصهيوني غير الإنساني أمام أعين العالم الذي يدعي أنه حر، وهو بعيد عن ذلك! شيء ما تغيَّر أو سوف يتغير بعد هذه التجربة الجريئة، وهو أن تذهب إلى عين الخطر وتواجهه بصدرك العاري وإنسانيتك ولاشيء غيرهما، حيث كم هزمت المواقف الإنسانية جبروت طغاة وقهرت أساطيل وجيوشاً جرّارة عبر التاريخ، إن للحق والعدل صولات وجولات يكون فيها الضمير الحي هو راية التحرر دائماً. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com