كم هي غريبة الحياة وكم تحمل من مفارقات ففي اليوم الذي انتظره مانديلا طويلاً وظل يحلم باللحظة، غاب عنها قسراً وبعد أن فعل كل شيء لتحصل بلاده على شرف تنظيم كأس العالم كانت الحياة تحمل له النبأ المحزن، فقد تلقى خبر وفاة حفيدته زيناني في حادث سيارة، ليتحول المشهد إلى فرح في كل بيت وحزن عميق في منزل الشخص الذي دفع نفقاته. ومنذ تم إعلان أن الرئيس مانديلا سوف يحضر مباراتي الافتتاح والختام عاشت جنوب أفريقيا حالة من الفرح المزدوج فهي سعيدة باستضافة كأس العالم وهي أسعد بحضور رمزها التاريخي والذي منذ ابتعاده عن العمل السياسي قل ظهوره وكان حضوره المنتظر في افتتاح كأس العالم من المناسبات النادرة التي انتظرها الشعب على أحر من الجمر. وسادت الملعب حالة من الحزن والصمت في آن واحد عندما ألقى الرئيس جاكوب زوما كلمته التي نقل فيها للجماهير الحاضرة نبأ غياب الإيقونة الأفريقية نيلسون مانديلا عن حفل الافتتاح بسبب وفاة حفيدته في حادث سيارة في أعقاب خروجها من الحفل الموسيقي الذي أقيم في ليلة حفل الافتتاح. وكانت حفيدة مانديلا واسمها زيناني قد فارقت الحياة في حادث إثر اصطدام السيارة التي تقلها بأحد الحواجز، وهي التي احتفلت بميلادها الثالث عشر قبل يوم واحد من وفاتها. وعلى الرغم من غيابه فقد أرسل مانديلا رسالة إلى العالم وهو في غمرة أحزانه نقلها عنه الرئيس زوما قبل أن يعلن افتتاح البطولة رسمياً وكانت الرسالة قصيرة حملت معاني رائعة وكبيرة ومضمونها: “ يجب أن تبدأ المباراة وعليكم أن تستمتعوا بها”. هكذا هو ماديبا وهو اسم نيلسون مانديلا في قبيلته، قضى 27 من سنوات حياته في السجن من أجل شعبه، وهكذا هو الرجل البالغ من العمر 91 عاماً قضى معظمها في النضال حتى تحقق له مراده وتحرر شعبه ثم عمل من أجل أن تحظى أفريقيا بشرف استضافة كأس العالم وهو صاحب اليد الطولى في هذه الاستضافة كما قال بلاتر قبل أيام، حين أكد أن مانديلا هو الذي أحضر كأس العالم إلى جنوب أفريقيا. وعندما حانت اللحظة وفي ليلة العرس الأفريقي حضر الجميع وغاب ماديبا، وبينما احتفل الناس وتبادلوا التهاني بهذا العرس كان مانديلا يتلقى العزاء في حفيدته، غاب مانديلا ولكنه كان حاضراً في وجوه الناس الممتنة وسيظل حاضراً إلى الأبد، الرئيس الخالد .. الزعيم والقائد. ralzaabi@hotmail.com