هي طموحة، جموحة، قصفت الصحراء منذ الأزل بحبات العرق ونزف الجسد المتسامي فوق كل قامات الكثبان والجبال.. هي وضعت الأحمال الثقال على كتفين مسهبين في الصبر والجلد لأجل خلود في وجود ما كان يحترم إلا القابضين على جمرة القلق، الكادحين منذ الشفق حتى الغسق وبصورة أدق فإنهن الإماراتيات اللاتي كحلن عيون البحر بأثمد التعب والسغب وصخب الأيام وما شخب الروح وشق النفس.
والتقرير الذي نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو الصادرة عن جامعة هارفارد البريطانية والذي يشير إلى أن المرأة في الإمارات تفوقت على مثيلاتها في الهند وروسيا والصين، حيث بلغت نسبة طموح المرأة الإماراتية 92? بينما بلغت نسبتها لدى نساء الهند 85? وروسيا 63? والصين 65?، وتلفت الدراسة إلى أن 36? من النساء الأميركيات يعتبرن أنفسهن طموحات جداً.
ونخلص من هذه الدراسة إلى أن الحلم الإماراتي يتحقق على أيدي المرأة والرجل معاً وأن هذه الأنثى البارعة، اليانعة، اليافعة، تخوض اليوم معترك الحياة بتؤدة واتزان، مختزنة في الذاكرة صورة تلك المرأة القديمة الجديدة التي شفت قميص التعب وانتعلت التراب ووقايتها سحابة تظلل فروة الرأس والحدقة تتسع باتساع كون الإمارات الرحيب اليوم وقد تسنت جل الظروف للمرأة الإماراتية واتيحت لها كل الفرص، فيحق لها أن تطمح وأن تجمح وأن تسرج الجياد باتجاه الفضاءات الواسعة وأن تشرع النوافذ لغد مشرق مضاء بضوء الوجوه التي توضأت بالحلم وتنقلت بالعلم ووارت زمن وأيقظت أزمنة وسح العرق حتى صار أنهاراً تغتسل فيها قيم وعادات.
المرأة اليوم لابد لها أن تفتح كتاب الآمال العراض لأن الزمن لا يرحم الضعفاء وأن الركاب التي سارت سريعاً واتجهت بعيداً تحتاج إلى قدرات وطاقات هائلة تلاحقها وتزاحمها لتتلاحم معها منسجمة، متلائمة، لأجل صناعة وطن لا تخذله نائبة ولا تعثره خائبة ولا تعكره عاقبة.. المرأة في الإمارات اليوم وهي تخصب القلب بالأمنيات الجارفة وتخضب الدرب بالأحلام الوارفة وترطب النجود والوجود بعطر أنثوي يحرك وجدان الحياة ويدير عجلة الأيام إلى الأمام وبإقدام لا محالة من الوصول إلى ذروته.
اليوم تحصد ما زرعته وتجرد ما انتزعته فتتمدد طموحاتها بامتداد الصحراء واتساع البحر وشموخ الجبال وسموق النخل وبسوق اللوز.. المرأة اليوم وهي تخض ضرع الفكرة وبعبرة مدبرة وبقدرة مقتدرة وبصولجان امرأة أذعنت لها كل الجهات فأمطر قلبها حباً من أجل الوطن وعندما أثمر غصنها قلقاً من أجل رقي الوطن وعندما أبحر سفينها عميقاً من أجل رخاء الوطن وعندما تطور كدها نسلاً من أجل أن تحقق الإمارات أسمى معاني الرفعة والتقدم.. المرأة اليوم يتسع طموحها كما تتسع واجباتها تجاه الوطن وأهله.. المرأة اليوم أمامها الطريق بلا سقف.. أو نهاية.


marafea@emi.ae