لا تتكهنوا ولا تتباروا أو تراهنوا على شيء، وأقصد بالطبع المراهنات البريئة بين الأصدقاء سواء في العمل أو المسكن، ولا تبنوا أحلامكم على فريق بعينه، وإذا خسر تنهار تلك الأحلام.. لا تتوحدوا مع أي فريق، وكونوا مع الجميع، فأنتم في كأس العالم.. في أرض المفاجآت.. في عالم المنطق و«اللا منطق».. المتعة والغرائب.. المد والجزر.. في عيد الكرة العالمية الذي يتكرر كل أربعة أعوام، ويستعد له كل منتخب يحدوه الأمل الذي يتباين من فريق إلى آخر، قبل أن تقول الكرة كلمتها، وتساند فريقاً بعينه، تختاره وتدعمه، حتى يعتلي منصة التتويج، وليس ضرورياً أن يكون الأفضل أو الأروع، ولكن المهم أن يكون الأكثر حظاً. هل شاهدتم البداية.. كيف تعادلت فرنسا مع أوروجواي، وبدا الديك وكأنه «دجاجة»، وكيف كانت بداية أصحاب الأرض أمام المكسيك، وهم الذين يجب ألا يشذوا عن قاعدة أصحاب الأرض، التي تقول إنه في تاريخ البطولة لم يتخلف صاحب الأرض عن الصعود للدور التالي على أقل تقدير. وهل رأيتم كيف كانت اليونان التي أوقفت أوروبا من قبل على أطراف أصابعها، لتأتي وتخسر من كوريا بثنائية تاريخية، تغير مفاهيم العلاقة والتباين بين آسيا وأوروبا، وكيف ماتت الأرجنتين على هدف وحيد تقدمت به على نيجيريا، وعانت بعده الأمرين، وإن أضاعت العديد من الفرص إلا أنها نجت أيضاً من خطورة محدقة للفريق النيجيري حتى النهاية. والأهم.. هل شاهدتم ماذا فعلت ألمانيا باستراليا، والرباعية الصاعقة، التي ذبحت الكانجارو، ومن قبلها كيف كانت أميركا أمام انجلترا، والأوروجواي مع إيطاليا واليابان والكاميرون.. هذا هو الواقع العالمي.. القديم والجديد.. هذا ما نحفظه عن ظهر قبل، لكن لأننا شغوفون بطبعنا بالتوقع والتنبؤ بالمستقبل ولأننا جميعاً خبراء.. ترانا نرشح هذا ونخرج ذاك من الحسابات، ونسوق المبررات الفنية والتكتيكية وكأننا مدربون، ويوم تأتي الرياح بما لا تشتهي سفننا نقلب على أنفسنا، وننقسم بين من يرى أن فوز من فاز لتفوق فيه، وآخر يؤكد أن ذلك راجع لضعف في المنافس. في كأس العالم.. ضعوا أنفسكم في منطقة «الحياد»، إلا إذا كان لكم بالطبع فريق تنتمون إليه.. قفوا في هذه المنطقة التي نشجع فيها الكرة بكل أطيافها وأشكالها واحتمالاتها.. كونوا مع «اللعبة الحلوة» مثلما يقول «الدبلوماسيون» أحياناً.. شجعوا الكرة أولاً ومدوا أشرعة سفنكم في كل المباريات وتوحدوا مع كل الفرق.. إنه العيد وليس من المنطقي أن نذهب إلى بائع واحد ونترك البقية.. هو مهرجان للفن وسينما الكرة.. فشاهدوا كل الأفلام، وشجعوا كل الأبطال.. لا تضنوا على أنفسكم، فالغياب سوف يطول بين هذه البطولة والتي تليها، وأربع سنوات من الانتظار تستحق منا أن نكون أكثر رفقاً بأنفسنا وألا نرغمها على فريق واحد.. اجعلوا من صدوركم في سعة ملاعب جنوب أفريقيا وفي اتساع القارة السمراء إن أمكن.. لأنكم تستحقون. كلمة أخيرة شجعوا واصرخوا وافرحوا في كل الأحوال.. إنه المونديال إن غاب أمل فهناك آمال mohamed.albade@admedia.ae