تجتاح العالم هذه الأيام حمى” المونديال” الكروي الذي تدور رحاه في جنوب إفريقيا، والذي وضع بصماته على كل زاوية من الكرة الأرضية، ليجسد مقدار هوس أغلب أهل الأرض بالساحرة المستديرة. وقد دفعت هذه الحمى حتى أهل العلم لمتابعتها وبطريقتهم الخاصة، فعشية انطلاق “المونديال” أعلنت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، وبأسلوب كروي مبتكر، عن تنظيم ندوة بعد صلاة المغرب لثلاثة من العلماء الأفاضل في مسجد محمد حسن الشيخ بمنطقة الطوار 2، وكانت بعنوان” نتائج كأس العالم 2010”. وبالطبع لم يكن موضوع الندوة مثل ما يتناول من موضوعات في استديوهات التحليل الكروي لبعض فضائياتنا العربية، التي استقدمت من له ومن ليس له علاقة بالكرة ليتحفنا بتحليلاته. وإنما كانت ندوة دينية لاجتذاب الشباب وإبراز قيمة الوقت وطرق الاستفادة منه لخدمة مجتمعاتهم وأمتهم، وتعريفهم بأمور دينهم، بعيداً عن الغلو والتشدد الذي يمارسه الكثير من المدعين في هذا الزمان، ممن يقومون بشغل الناس، وبالأخص الشباب الغر، بالفروع من دون الإشارة إلى الأصول، بما ينفر أولئك الشباب من جوهر دينهم السمح القائم على الوسطية والاعتدال وتكريس قيم السلام والتسامح. وكان ذلك الإعلان من الدائرة لفتة مبتكرة من قبلها للفت الأنظار إلى موضوع الندوة، وهي تساير وتواكب الاهتمام العام الذي يسود المجتمع هذه الأيام بـ”المونديال” الكروي، والذي كما أسلفنا يصل إلى مستوى الهوس.
ووسط هذه المتابعة الجارفة لوقائع “المونديال”، يلمس المرء مقدار العواطف التي تحرك أغلبنا بدلاً من إِعمال التفكير العلمي، وهو يتمنى الفوز لفريقه المفضل، من دون اعتبار لأي عامل سوى العاطفة الجياشة، وكيف يستند البعض الآخر للقوة العضلية على حساب التفكير، على طريقة “المخ والعضلات”. وفي غمرة تلك العواطف قرأت تقريراً عن استعدادات وتدريبات منتخب ألمانيا لكرة القدم التي نظمت سفارتها في الدولة مشاهدة لمباريات فريقها في “المونديال” بأحد فنادق العاصمة، وتلقيت دعوة للحضور، ولا أدري هل تحمل تلك الدعوة “ضمانة” من دولة صناعية كبرى ضد القرصنة التي فوجئنا بتعرض بث “الجزيرة الرياضية” لها منذ أول يوم لـ”المونديال” الكروي من دون تفسير منطقي؟!!.
تناول التقرير الذي قرأته عن استعدادات منتخب “المانشفات” الألماني انخراط 13 عالماً ألمانياً من مختلف الاختصاصات في معاهد بحثية ألمانية لأشهر عديدة لابتكار “روبوتات” أبرزها الروبوت” ديفيد” لتدريب اللاعبين على دقة التسديد، ونسب التقرير للبروفيسور بيتر جونر من معهد تطوير البرمجيات في جامعة شتوتجارت أن ضربات” ديفيد” لا تحيد عن الهدف المرسوم لها بأكثر من10سم، مما يتيح له اختيار زوايا لا يمكن لأي حارس مرمى أن يصل إليها، وبغض النظر عن المكان الذي يقف فيه الحارس. ومقابل “ديفيد” الذي يحوي ستة أنظمة إلكترونية معقدة تضمن دقته في التسديد، ابتكروا أيضاً الروبوت”جولياث” وصمم ليقوم بدور حارس المرمى المنيع، وهو يستخدم برامج كمبيوتر وكاميرا سريعة تحلل الوضع التشريحي للمهاجم، وكذلك وضعه أثناء تنفيذ ضربات الجزاء ليتصدى لها الحارس الإلكتروني ويقفز معها إلى الزاوية المطلوبة. تقرير يكشف لنا الفرق بين فرق “المخ” و فرق “العضلات”، و”هارد لك” لأهل العواطف الجياشة.

ali.alamodi@admedia.ae