أبناء الإمارات، لبقون في الأزياء، متأنقون، متألقون، مهتمون دائماً بالرشاقة والأناقة، وأسواق الملابس ومحلاتها، زاخرة بشباب اليوم، الذين لا مناسبة لهم، ولا عيد، بل إن أيام السنة بشهورها وفصولها، كلها مناسبات، وتظاهرات شبابية من أجل الموضة ومن أجل الاعتناء بالمظهر، وتنسيق الشكل بحيث يتلاءم مع مرحلة ما بعد العصور التي مضت وانقضت، ولا رجعة.. شبابنا اليوم يتهافتون على محلات الأزياء، ينقضون بلهفة وشغف وهم يغيِّرون ويبدلون، ويجددون، ويحدثون ملابسهم، وعطورهم، وأحذيتهم، التي كانت في زمن ما بـ (درهمين).. واليوم أصبحت بالآلاف.. “الزنوبة” القديم، صار بماركة عالمية، تخلب اللب، وتسلب القلب، ولا يملك الإنسان إلا الإعجاب بهذا المخترع العجيب، والزمن الرهيب، والانفصام المهيب.
شباب اليوم، شباب محب للحياة، متطلع إلى الجمال بروح عالية، ونفس رفيعة، وقلب رهيف، شباب اليوم، لا يريد أن يفكر بما كان عليه الآباء، فهذا ليس شأنه كونه يعيش زمناً، تفتحت فيه أزاهير الحياة، وتفرَّعت غصونها الخضراء اليانعة، وسمقت أشجارها اليافعة، يريد فقط أن يعيش حياته، وأن يتمتع باللحظة، ويقبض عليها باحتراس كي لا تفلت لأنه لا يدري ماذا يخبئ الغد.. شباب اليوم يستطيع قول ما قاله الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل “من لا ينظر لا يبصر، ومن لا يبصر يعش أبد الدهر أعمى”..
بل إن شباب اليوم تخلص من الفلسفة وشوائبها، وتحلل من علوم الدنيا ومتاعبها، فقط يريد أن يفكر في نفسه أو بالأحرى في ثوبه الأبيض الناصع ونعله الصقيل اللامع.. وكان الله غفوراً رحيماً.. وقد أكدت دراسة علمية أن استهلاك الشباب الإماراتي من الأزياء، يوازي ثلاثة أضعاف الرقم العالمي، أي 71? مقابل 21?.. هذا يعني أننا لنا الفضل الكبير، في إغناء وإثراء أصحاب المحلات، ويحق لأحدهم الذي قال: نعتبر دخولنا في سوق الشرق الأوسط خطوة مهمة، وهو يعرف ماذا يعني “بالشرق الأوسط”.. يعنينا نحن ولا أحد غيرنا.. نعم سوقنا مهمة لهم، وقد لا تكون ضرورة لنا إذا أردنا المبالغة، والسير قدماً باتجاه الدشداشة الأفخم وذات الصوت الخشن، وكذلك النعال، بجلد النمر أو العفريت فالأمر سيان.. شباب اليوم، رجال للمستقبل، من حقهم أن يتحرروا من فقر آبائهم أو أجدادهم، ومن حقهم أن يتمتعوا، ويمتازوا بالمظهر اللائق، والعطر الجميل، ولكن ما لا يمكن، أن تحتمله أجسادهم المبالغة التي قد تؤدي إلى مزيد من الديون، ومزيد من الديون قد يؤدي إلى مزيد من القضايا الشائكة التي لا حل لها إلا بيد من له حكمة القضاء.. نقول لشبابنا الأنيق، أن يتريث قليلاً وألا يسرف حتى ولو غرف من بحر.. شبابنا الجميل، لا تغدق كثيراً، حتى لا تغرق، فالمحيط عميق، وسحيق.


marafea@emi.ae