في أحد مكاتب السفر والسياحة التي تشهد هذه الأيام إقبالاً كبيراً هرباً من حرارة الصيف التي أعلنت “الأرصاد” أنه سيبدأ اليوم رسمياً، كما لو أن ما كنا نشهده من ارتفاع كبير في درجات الحرارة هو مجرد عرض خاص، لمحت أحد الأصدقاء وبعد تبادل السلام والتحايا أخبرني بأنه جاء ليراجع ترتيبات إجازته الصيفية مع أسرته الى المكان الذي اختاروه لقضاء إجازتهم السنوية. ولما سألته عن سبب اختياره لتلك الوجهة، بعد أن كان من أنصار التصييف في أوروبا. رد بلا تردد “يكفي انك تأخذ التأشيرة من المطار بعيداً عن تعقيدات الدول الأوروبية”.
وبدأ يحدثني عن معاناة المتقدمين للحصول على تأشيرة “الشينجن” أو التأشيرة الأوروبية الموحدة. ودعته متمنياً له ولعائلته إجازة ممتعة. بعدها بأيام مررت بمبنى يقع في قلب العاصمة حيث يقع في طابق الميزانين منه مقر شركة غربية متخصصة أوكلت إليها عدة سفارات غربية أمر تسلم جوازات سفر وطلبات الراغبين في التوجه الى تلك البلدان.
ورأيت مشاهد اكتظاظ لبشر من نساء وأطفال ومسنين غالبيتهم من المواطنين، البعض منهم افترش الأرض بسبب ضيق المكان وعدم وجود مقاعد خارج القاعة الضيقة.
والمشهد جزء من معاناة تبدأ مع الطلبات الكثيرة لأوراق ومستندات، وكأن المتقدم مشتبه به وبنواياه من الرحلة حتى يثبت العكس، بل إن نوعية أسئلة بعض نماذج تلك السفارات لا ينم عن أي احترام للمتقدم وبلاده. فنظرتهم إليه كما لو أنه ساع للجوء أو طالب لجنسيتهم. وهم الأدرى بأن السائح الإماراتي والخليجي عموما هو الأكثر إنفاقاً وقضاء لليال سياحية في أوروبا وغيرها من الدول.
والبلدان الخليجية تعد شريان حياة لاقتصادات تلك البلدان. ومع هذا يمارسون تعنتاً وتشدداً غير مبررين لمنح التأشيرات لهم، بينما منافذ البلدان الخليجية الست مشرعة الأبواب لرعايا 22 دولة أوروبية وغربية، حيث يحصلون على تأشيرة الدخول بمجرد أن يطأوا أرض أي منفذ من منافذها.
وقبل فترة تابعت حملة صحفية في إحدى البلدان الخليجية الشقيقة على سفير دولة أوروبية بسبب معاناة رعايا ذلك البلد مع تأشيرة “الشينجن”، وبرر السفير لهم أسباب التأخير في الحصول عليها بأن التأشيرة تتطلب موافقات أمنية من كل البلدان الموقعة على معاهدة “ما ستريخت” و”شينجن”. وبعد أيام تبين للصحف عدم صحة ما قال، بعد أن افتتحت بلاده مكتباً لها في مطار دولة خليجية أخرى لتسهيل سفر مواطنيها الى ذلك البلد الأوروبي.
وفي كل مرة ترتفع فيها المطالبات بالمعاملة بالمثل، نجد محاولات لتحسين المعاملة في تلك السفارات، سرعان ما تعود الى ما كانت عليه بل وأسوأ احياناً، رغم ان تلك الدعوة كانت مطلباً شعبياً بعد أن تحولت تسهيلات دخول الرعايا الأوروبيين الى ثغرة استغلت للمس بأمن الوطن، كما حدث في جريمة اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح.
وإزاء تعنت أهل “الشينجن”، فعلى الراغبين في التصييف خارج البلاد الاقتداء بأمثال ذلك الصديق الذي اختار مصيفاً بعيداً عن “صدعة” “الشينجن”، فلا يعقل أن يدفع المرء أمواله لمن لا يحترمه أو يقدر البلاد التي ينتمي إليها !!.


ali.alamodi@admedia.ae