ذات مرة نُقل عن كسول مقولة اعتبرها قائلها حكمة، بقوله «لو تخاف من بكرة، نام واصحى بعد بكرة»، ولكن الخوف من الغد أصبح سمة الكثير من المقيمين العرب تحديداً، لا سيما مع القلاقل والاضطرابات التي تسود مناطق واسعة من عالمنا العربي في أعقاب ما سٌمي بالربيع العربي الذي تناسلت معه أوكار الإرهاب المتوالد من كنف الجماعات المتأسلمة وربيباتها الإرهابية من «القاعدة» و«داعش»، وخوارج العصر. القلق «من بكره»، استثمرته مكاتب استشارات قانونية وسمسرة عقارية، لتنتشر كالفطر مع إعلاناتها الترويجية في كل مكان، بغية استقطاب ليس فقط أموال هذه الفئة من المقيمين، وإنما خبراتها وكفاءاتها في شتى المهن والميادين، خاصة أنها أموال وخبرات تكونت في الإمارات، وقضى أصحابها فترات طويلة فيها، ومنهم من ولدوا على ترابها. وبدأنا نسمع من خلال هذه المكاتب عن المواطنة الاقتصادية التي توفرها دول متناثرة في المحيط الهادئ أو منطقة الكاريبي، تعرض جنسياتها مقابل الاستثمار فيها بإيداع مبلغ محدد أو شراء عقار والإقامة، وبشروط ميسرة. بل وصلت المنافسة بين هذه الدول والمكاتب الممثلة لها، درجة توفير وثائق جنسياتها من دون أن يتطلب الأمر السفر إليها على طريقة التوصيل للمنازل، ومن يتابع سيكتشف ما يجري، وكله «قانوني» كما تقول هذه المكاتب. بعضها بلغ به الحماس لاستقطاب المستثمرين للشراء بعرض تذاكر سفر وإقامة للجادين منهم، وطبعاً الجدية تتجلى بدفع مبلغ مقدماً. ما يعنينا في الأمر أن أموالاً وخبرات تستقطب لخارج الإمارات، بينما الأوعية الاستثمارية عندنا لا تحاول تطوير نفسها والاستفادة من القدرات المتاحة لهذه الفئات في الميدان القادر على استيعاب ليس هذه الفئات، بل آخرين يرغبون في تمضية تقاعدهم بالدولة، والاستفادة من المناخ الاستثماري. وقبل أيام تناولت هذا الأمر صحيفتنا الشقيقة باللغة الانجليزية «ذا ناشونال»، والحاجة لتطوير التشريعات لتواكب خطط وبرامج اجتذاب فئات المستثمرين المتقاعدين، وأبرزت تقارير مؤسسات متخصصة تناولت ارتفاع متوسط الأعمار في الإمارات مع توسع تلك المؤسسات في طرح برامج للتأمين والتوفير لأجل معاشات التقاعد للمقيمين، خاصة أنها تتوقع أن يكون معدل بقائهم لما بعد التقاعد ما بين 20 و25 عاماً. وقد كانت إحدى دراسات صندوق دولي، قد دعت منذ سنوات إلى الاستفادة من هذه الإمكانيات المتاحة، بدلاً من تركها لإغراءات مكاتب توصيل الجنسيات للمنازل!!. ali.alamodi@alittihad.ae