عندما يفقد العقل اتزانه، تختل المقاييس، وتسيطر أحلام اليقظة على الذاتيين، والفردانيين وأصحاب المصالح الضيقة، ويصير «كل يجر النار صوب قرصه»، ولكن في بلد أنتجه زايد، طيب الله ثراه، ومن بعده خليفة الخير وإخوانه الكرام، أصبح من العسير جداً، على أصحاب الأهواء الشخصية، والنزوات الفردية، والنزعات الأنانية أن يخترقوا هذا الحزام القيمي الأخضر، وصار من الصعب جداً أن يوسموا خصالهم البذيئة على وطن قامت أركانه على الحب والاصطفاف حول القيادة والوطن.. قد يخرج من بين ظهرانينا مدع كذاب، وآثم ذميم، يريد أن يصطاد أسماكه على حساب الآخرين، ولكن مياهنا الصافية تمنع ذلك، ورؤيته بالعين المجردة تكفي لأن يفضح ما يكيله البعض، وتفصح عن مآرب شخصية تحاول أن تتحرك من تحت الرمال، ولكن نقول أيضاً إن رمال وطننا صحراوية، تدفن تحت كثبانها كل مختال ومحتال، ودجال وقوّال. قيادتنا رشيدة، عملت منذ البدء على استدعاء الإنسان ليكون عاملاً للنهوض بالوطن، فوفرت الدوافع وسخرت الأدوات، ومنحت التشجيع لكل من يريد أن يضع الوطن في المُقل وعند شغاف القلب، فلا اصطفاف إلا حول الوطن وله وإليه، ومنه وبه، وعنه، ومن يفكر أن يتسلق الأكتاف ليصل إلى مآرب أخرى، وعلى حساب الدين، فإن هذا المشروع فاشل وعاطل، وباطل، ولن يفلح المهرجون والمبذرون، والمغترون والمهرولون باتجاه تسطيح الأشياء، والادعاء بأنهم الأوصياء وهم الذين يصنفون ويفرزون.. هذا الوطن لا يعتني إلا بمن يعتني بمشاعره، ويصفيها من كل غث ورث.. هذا الوطن يدار بقيادة ذكية، تعرف لا تأخذ بالألفاظ وإنما بما تبديه اللحاظ. إذاً فإن يكف المدعون عن الهراء والافتراء، خير لهم وأسلم، فالوطن بحاجة إلى أبنائه المخلصين الجادين الصادقين الذين لا تعنيهم كثيراً الأوصاف والنعوت بقدر ما يعنيهم هذا الوطن، سلامه وأمانه واطمئنانه.. أقول لكل مدع: صفِّ النية ولا تهرع، الأنانية ناقة عرجاء تقودك إلى وادٍ غير ذي زرع.