أحلام تتحول إلى أوهام، عندما يصبح العقل رهين الطموحات الغوغائية، وعندما تتحول الأوطان إلى أوكار لحماية الدعاية المغرضة والوشاية والغواية، فمن كان يصدق أن دولة شقيقة تتحول بين عشية وضحاها إلى بقعة زيت في عمق الخليج، تشعل النيران وتزعج الجيران، وفضيلتها أن تخرج مثقفي الحقد والكراهية، وتفرز القبح والصديد، فقط لتثبت أنها موجودة في عالم لا يعترف إلا بالكبار، فهل هذه إشاعة أن تصبح دولة شقيقة مسماراً في لوح العلاقات الخليجية وأن ينغرس هذا المسمار في صدر الأشقاء، فقط لأنها تريد أن تقول للأعداء إنها موجودة على الخارطة وتستطيع أن تخدم أجندة من يريد أن يستخدمها كذبابة بطنينها ورنينها، ولا أكثر من ذلك أبداً. الكل يعرف وحتى القطري الساكن في بيت بسيط ولم يتلق إلا التعليم المتواضع، أن قطر لن تصبح دولة عظمى، وأن ما تفعله قيادة قطر ليس إلا من أعمال الشعوذة، وكم هو محزن أن نكتب عن دولة عربية، إسلامية، شقيقة بهذا الأسلوب، ولكن كيف، اليوم رمت القيادة القطرية رمحاً مسموماً في صدر الأشقاء، وسارت في دروب مظلمة معتمة، ودخلت عش الدبابير وكأنها فراشة تريد أن تنتحر. نقول يا ذا العقل، لقد مر الزمان ونحن نسأل عن منطق في اللامنطق، ونبحث عن الحقائق في بطون الوهم، ولم يزل البعض يعتقد أن المجانين عباقرة، وأن الخيلائيين أفذاذ وجهابذة، وأن سقراط كان على خطأ حين قال إن المعرفة طريق السعادة والجهل طريق التعاسة، فانتحر المسكين أو أنه قبل الموت لأن قومه لم يصدقوه. اليوم لا يزال البعض يصدق أن ما يفعله الشذاذ هو طريق إلى معرفة الحقيقة، وينسى هؤلاء أن الحقائق تكمن في قلب من عرفوا الحب وهو فضيلة المحبين، وأن الحقد هو رذيلة الكارهين، نتمنى أن تعود القيادة القطرية إلى رشدها وألا تعلق آمالاً على كل باطن متحذلق، نتمنى ذلك لأن قطر جزء من التراب العربي، وإنْ عبث بها بعض المتضورين «للكبر» ستبقى عربية خليجية، وما بني على باطل فهو باطل وعاطل، حتى لو ماطل السذج والناقصون والقاصرون والمقصرون والموهومون والذين ابتعدوا كثيراً عن الواقع، وظنوا أنهم سيحلقون في الفضاء بأجنحة اليورانيوم الإيراني، ويخترقون العالم بشعارات واهية لا تسمن ولا تغني من جوع، نتمنى أن تعود قطر ببعد النظر وحسن السيرة والسلوك.