يلفت النظر كثيراً في سلوك الرجل تناقضه حيال المرأة، فهو بقدر ما يحبها ويفتن بها ويلاحقها أينما ذهبت، وبقدر ما تغزل بها وكتب فيها الشعر وأجمل القصائد، إلا أنه بالقدر نفسه يقف بحذر شديد على حافة قرار الارتباط بها، وهو لا يخاف ولا يتردد تجاه موضوع أو قرار قدر خوفه وتردده من الزواج كقرار مصيري تقول معظم الدراسات إن المرأة تسعى إليه منذ بدايات مراهقتها بينما يتجنبه الرجل قدر استطاعته، فلماذا يقع الرجل في هذه الحيرة وهل يخاف فعلاً من الزواج كما ذكر صاحب كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة ؟
تقول إحدى الدراسات إن بعض الرجال يرى في الزواج حكماً مؤبداً في الحياة مع امرأة بعينها مدى الحياة، دون أدنى فرصة للتراجع أو التصحيح، حيث يعني الارتباط بامرأة واحدة التخلي نهائياً عن التفكير في بقية النساء وبدل هذه الفكرة الجذابة يسيطر عليه الخوف من الفشل والوقوع في شرك الطلاق، بعد أن يكون قد تكبد الكثير من العناء خلال رحلة الزواج.
يقول بعض الرجال إن حياة اللهو والأصحاب بعيداً عن الزواج حياة مليئة بالبهجة والمرح والمغامرات، ولذلك فهم يخشون أن يفقدوا هذه الامتيازات. وتحديداً الحرية المطلقة، وأن يستبدلوها بالخضوع لقوانين شركة الزواج المبنية على التفاوض، والنقاش، والاضطرار للاستسلام للطرف الآخر في أغلب الأحيان، كما يكره بعض الرجال العيش ضمن روتين الأسرة وطلبات الأولاد ومسؤولياتهم وإزعاجهم وضجيجهم، أو الاستسلام لآراء الزوجة وتحمل تعليقاتها غير المحببة أحياناً، كتهكمها على ثيابه أو ذوقه في اختيار القنوات التي يشاهدها والمباريات التي يستمتع بها، وتعليقاتها المرة على أصحابه مثلاً.
إن الأعباء المادية من أكثر الأسباب ربما التي تدفع الكثير من الشباب للعزوف عن فكرة الزواج، ففي الوقت الحالي نجد أن متطلبات الزواج كثيرة وتصل طلبات المرأة لأمور أبعد من قدرات الزوج المادية، وهذا ما يدفع بعضهم للهروب من التفكير في هذا القرار الصعب، باعتباره أمراً خارقاً وتعجيزياً ويكلفه الكثير من الأموال، ولذلك ظل أحد الشباب يتهكم على أصحابه الذين ينوون الزواج بقوله لهم : لست مجنوناً لأحضر إلى بيتي شيطاناً مريداً (يقصد الزوجة)، وبعد سنوات اكتشف أصدقاؤه أن صاحبهم من جماعة بخلاء الجاحظ الذين يرون في المبذرين إخواناً للشياطين، والمرأة خير من يبذر في هذه الدنيا حسب قناعة كثير من الرجال !!
تأتي الحرية كأهم منجز في حياة أي رجل وهو يرفض بشدة أن تسلب منه، فهو قبل الزواج يكون كطائر حر يحلق أينما يريد دون أية مساءلة أو تدخل في شؤونه الخاصة.. وبطبيعة الحال فإن الزوجة ستمثل العائق الأكبر في طريق حريته وتحليقه وستربطه بالكثير من المسؤوليات وتحديداً مسؤوليات البيت والأولاد والفواتير والمجيء إلى البيت مبكراً وستحاسبه على النظرة والهمسة والتلفون والـ... لذلك كله يرفض الرجل اتخاذ قرار يسلبه حريته ويستمر في تأجيل النظر في قضية الزواج لأجل غير مسمى !!
إن قرار الزواج هو أصعب شيء على الشباب في هذا الزمن، حيث إنهم يستمتعون بحياة مستقلة خالية من المشاكل الزوجية والأوامر والارتباطات العديدة التي يتطلبها قيام أسرة، على الرغم من ضغوط الأهل والأسرة عليهم.. ويسعون جاهدين للخروج من هذا المأزق بشتى الطرق، كأن يعتذروا عن الزواج باستكمال دراستهم العليا وأنهم في مرحلة بناء للنفس من الصفر وغيرها من الحجج هروباً من فكرة الزواج التي تعتبر مخيفة لهم في كل الأوقات.


ayya-222@hotmail.com