كان أمس الأول يوماً ساخناً جداً على عكس البرد الشديد الذي يلف أجواء جنوب أفريقيا حالياً، وسبب السخونة بالطبع تكمن في المواجهتين اللتين تسمرنا أمامهما وكانت الإثارة حاضرة فيهما من البداية حتى النهاية، لاسيما وأن المباراتين صاحبتهما أيضاً مواقف تحكيمية ربما لن يتوقف الجدل حولها طويلاً، أو ربما تصبح من الحكايات الكلاسيكية التي لا تنساها الجماهير أو حتى الدول، فذاكرة الدول في الكرة لا تبرحها الأحداث مهما طال عليها الزمن. وليس أدل على ذلك، من أن الألمان والإنجليز، وبمجرد انتهاء موقعتهم المونديالية أمس الأول، نبشوا في كتبهم القديمة، وأعادوا إلى السطح حكاية 1966، وكيف أن الإنجليز وقتها سجلوا هدفاً في مرمى الألمان غير صحيح، ليلغي حكم المباراة أمس الأول هدفاً إنجليزياً صحيحاً كان من شأنه أن يقلب وقائع المباراة، وبهذا يكون الألمان قد أعادوا الدين وثأروا للخدعة القديمة، والغريب أن جانباً كبيراً منهم بدوا سعداء برد الدين، ربما أكثر من سعادتهم بالفوز الرباعي. ومن هدف جف هيرست التاريخي والذي لم ينساه الألمان ولا الإنجليز، إلى هدف فرانك لامبارد الصحيح يبدو المشهد في غاية التباين، ولكن لعل ذلك، ينهي الجدل، فالآن صارت «واحدة بواحدة». وفي مباراة الأرجنتين مع المكسيك، وفي منتصف الشوط الأول تقريباً سجل كارلوس تيفيز هدف التانجو الأول من تسلل واضح، وإن كان من جملة بالغة الروعة كان بطلها ميسي، وكان التسلل واضحاً للعيان وليس بحاجة إلى فتوى أو حتى استشارة، وبعد مداولات بين الحكم ومساعده، كان احتساب الهدف، وسط احتجاجات المكسيكيين وفرحة أبناء الأرجنتين. ولو أن كلا الهدفين في المباراتين كان حاسماً في انتصار الفريقين اللذين كانت لهما الغلبة، ربما لكانا حاسمين في تغيير مجرى الكثير من الأمور والنقاشات داخل أسرة الكرة العالمية والفيفا، وإن كنت أتوقع أن يكونا سبباً في مراجعة أحوال التحكيم، والحديث مجدداً عن الاستعانة بالوسائل التكنولوجية الحديثة، للوصول إلى قرارات دقيقة بدلاً من هذه الأخطاء التي لا يقع فيها متفرج وليس حكماً من ضمن النخبة على مستوى العالم. في كرة لامبارد دخلت الكرة المرمى الألماني، ليس بكامل مدارها أو بجزء منها وإنما تجاوزت خط المرمى بقرابة نصف متر، وفي هدف تيفيز كان التسلل من النوع الصارخ، في الوقت الذي يضبط الحكام في معظم المباريات هذه الأمور ببراعة كنا نحسدهم عليها، ولا أحد يدري ماذا أصاب الحكم الأورجواياني جورج لاريوندا الذي أدار مباراة ألمانيا مع إنجلترا أو الإيطالي روبيرتو روسيتي الذي أسندت إليه مباراة الأرجنتين والمكسيك، واللذين لن يكون لهما وجود حسب ظني في قادم المباريات. وبرغم الخطأين، اللذين كان لهما تأثير في سير أحداث بعد ذلك، إلا أن هذا لا يمنع أحقية كل من ألمانيا والأرجنتين في التأهل، بعد أن قدما عرضين رائعين، وبعد أن ظهرت إنجلترا بالذات بمستوى لا يعكس طموحات جماهيرها.. أما المكسيك فكافحت قدر الإمكان، ولكن ماذا تفعل والمنافس هو «التانجو». كلمة أخيرة عاد الإنجليز إلى لندن بقوة «الدفع الرباعي»، واتضح أن الولد الذهبي تحول إلى دمية من خشب في جنوب أفريقيا. mohamed.albade@admedia.ae