في أكتوبر الماضي أعلنت الشركة الوطنية للضمان الصحي “ضمان”عن تمديد عقد شراكتها مع “ميونيخ- ري” حتى عام 2019. ومن دون أن يكشف الجانبان قيمة التمديد في السوق الذي استطاعت “ ضمان” الاستحواذ على 80% منه في أبوظبي منذ أن بدأت في تقديم خدماتها في عام 2006 عقب دخول قانون الضمان الصحي رقم 23 لعام 2005 حيز التنفيذ. والواقع أن تجربة الضمان الصحي، وبعد هذه الأعوام بحاجة إلى وقفة تقييم بعد تزايد الملاحظات السلبية على موفري الخدمات، وبالأخص من”ضمان” نفسها التي تطالعنا بين الفينة والأخرى بأخبار ضبط حالات تلاعب وسوء استغلال للضمان الصحي بصورة تنحرف به عن المرامي والغايات السامية التي أرادتها الدولة من تطبيق التجربة. وكما أعلنت”ضمان” في مناسبة سابقة بأنها تسدد شهريا ما معدله مليار درهم لموفري الخدمات الصحية في القطاع الخاص في إمارة أبوظبي. أي ما لا يقل عن 12 مليار درهم سنويا وهي مبلغ ليس بالهين، ربما لم يكن يختلف عما كان يصرف على هذا القطاع قبل تطبيق التجربة التي هدفت السلطات المختصة منها إلى إشراك القطاع الخاص في تقديم مستوى نوعي للخدمات الصحية من جهة، وتخفيف الضغط على المرافق والمنشآت الصحية العامة. العديد من منشآت القطاع الخاص جاءها الضمان الصحي هدية من السماء، وانتشلها من حالة الركود الذي كانت تعاني منه، بل وصل الحال ببعضها إلى انه كان على وشك الإفلاس والبيع في المزاد العلني. وبدلا من أن يتفاعلوا مع هذه الخطوة رأينا بعض المنشآت في القطاع الطبي الخاص، وبدلا من أن ترتقي بخدماتها تجدها قد تراجعت، وأصبحت تتعامل مع مراجعيها كما لو أنهم بلا خيارات أمامهم، وهي تروج بين أوساط المقيمين أن مؤسسات العلاج الحكومي لم تعد تستقبلهم، وهو زعم غير صحيح. بل بالعكس ففي مؤسسات العلاج الحكومية لا تجد هذا الاتجار بآلام الإنسان، حيث تقوم “أكشاك” العلاج الخاصة تلك بصرف أدوية وإجراء تحاليل وطلب صور لأشعة غير مطلوبة بالصورة التي يوهمونك بها هناك. وفي الوقت الذي تقدمت وتطورت فيه أساليب وطرق استقبال المراجعين في الكثير من العيادات والمستشفيات الخاصة التي تنظر للأمر على أنه مجرد مشروع استثماري لا يتطلب أكثر من استئجار طابق في بناية سكنية وجلب عاملين من جنوب شرق آسيا أو شرق أوروبا. قبل يومين وفي أحد المستشفيات الخاصة المعروفة لم تجد موظفة استقبال من مبرر لتأخر طبيبة عن استقبال مريضتها التي جاءت في الموعد المحدد لها، سوى القول إن الدكتورة طلبت فنجان قهوة، وعندما طال الأمر تطور العذر بأن الدكتورة طلبت سندويتشا!!. وعقب أن شددت “ضمان” سياسات الدفع لديها ، بدأت بعض المستشفيات والعيادات الخاصة بالطلب من مراجعيها سواء من حملة “ضمان” أو “ثقة” السداد مباشرة ، واستعادة المبالغ من”ضمان” بأنفسهم، وهناك تتسلم”ضمان” المطالبات لتسددها بعد ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع ناقصا 20 في المئة، دون تقديم تفسير للأمر، الذي نعود ونقول إنه بحاجة إلى وقفة تقييم!!.