في برنامج تلفزيوني بإحدى قنواتنا المحلية – والحق أن البرنامج والقناة مميزان- استضاف المذيع طالبات إعلام حصلن على تدريبهن الميداني في ذات القناة، وتحدث معهن عن بعض القضايا العامة لمعرفة آرائهن حول الطريقة التي ينظرن بها للمستقبل، والعمل والوطن؛ ومن ضمن ما تمت مناقشته في البرنامج فكرة أن يمثل الإنسان وطنه. استنكر المذيع تعليق طالبة بأنها تريد تمثيل وطنها، وفرض رأيه – بحكم أنه المذيع-، بأن الوطن أكبر وأهم وأغلى من أن يمثله إنسان، ولا تأخذ منها، لأن الوطن فوق الجميع؛ وبطبيعة الحال وافقت الطالبة على رأيه، لأن الوطن بالفعل فوق الجميع، كما أنه أكبر وأغلى وأهم من أن يمثله شخص. ولكن هل حقاً أننا لا نمثل أوطاننا؟! حسناً.. قبل أن نتحدث عن إمكانية أن نمثل الوطن، علينا قبلاً أن نناقش ما هو الوطن؟ ولأنه “الوطن”، تعجز الكلمات عن إفراد تعريفات تتقاطع فعلياً مع جوهر معناه، غير أن الإنسان وما يخلفه من تاريخ وما يقدمه من واقع وما يحمله من رؤى للمستقبل جزأ رئيسي في التعريف، بينما تبقى الحدود والقدرات مقومات مكملة لا معنى لها دون إنسان المكان. الوطن هو منجز الإنسان الذي بقى في الذاكرة، وهو منجز قادر كذلك على البقاء مستقبلاً لتحقيق وحماية منجز جديد قادر أيضاً على البقاء في الذاكرة؛ منجز يكون مدعاة للفخر بين باقي إنجازات البشر من أوطان أخرى. وعندما نتحدث عن إنجاز الوطن، فإننا نتحدث عن مجموع إنجازات أبنائه الذين رحلوا، ونحن، ومن سيأتون بعدنا. صحيح أن الوطن فوق الجميع، وذلك لأنه مجموع الجميع، الأهم مني ومنك. كل منا بما يقوله وما يفعله يمثل وطنه، كل منا يمثل خلاصة للنظامين التعليمي والاقتصادي وحتى السياسي في وطنه، بشكل أو بآخر هو ناقل ومعبر عن كل هذه التفاصيل أمام الآخرين. *** كان تقرير قناة الجزيرة الذي كررته نشرتها الإخبارية طوال اليوم الذي صادف ذكرى العيد الوطني لدولة الإمارات، يحمل عنوان “جراح إماراتي يعيد السمع لعشرات الفلسطينيين” تأكيداً على أن كلاً منا يمثل وطنه؛ وفي مضمونه نجاح جراح إماراتي في إجراء عمليات زراعة قواقع إلكترونية لعشرات الأطفال الذين حرمهم الحصار والفقر من السفر إلى الخارج بغرض العلاج؛ وفي التقرير التلفزيوني لم يظهر وجه الطبيب كاملاً، كما لم يذكر اسمه “مازن الهاجري” إلا مرتين، بينما بقي اسم الإمارات عالقاً في التقرير، وسيبقى عالقاً في التاريخ كذكرى للوطن. السعد المنهالي Als_almenhaly@admedia.ae