تعددت الأسباب والموت واحد، هذا ما نؤمن به إيماناً راسخاً.. فالموت لا مهرب منه، “وأينما تكونوا يدرككم الموت، ولو كنتم في بروج مشيدة “صدق الله العظيم. وفاة المتسابق الإماراتي محمد ماجد الروم والفرنسي جون مارك في حادث مؤلم بعرض البحر خلال الجولة قبل الأخيرة من بطولة العالم للزوارق السريعة التي جرت أمس الأول بدبي، لم تكن الأولى ومن يدري ربما لا تكون الأخيرة ! وعندما أقول ربما لا تكون الأخيرة لأنني أعلم كواحد من الأسرة الإعلامية لفريق الفيكتوري على مدار سنوات طويلة، كم هي مخاطر سباقات بطولة العالم للزوارق السريعة على وجه التحديد.. فهذه البطولة تقام في أعالي البحار، وليس على سواحلها، كما هي بطولة الفورمولا مثلا! وغني عن البيان أن حالة البحر في “العالي” تكون غالباً مرتفعة الأمواج.. وعليك أن تتصور حجم المغامرة، عندما يمتزج الموج العالي مع السرعات الرهيبة للزوارق، وبخاصة في نقاط الدوران.. ويتعاظم الأمر، عندما تعلم مدى شراسة المنافسة بين الزوارق المشاركة من إيطاليا والنرويج مع زوارق الفيكتوري، بصفة عامة.. ومع زوارق الفيكتوري بعضها البعض بصفة خاصة! إن هذه المنافسة الخطيرة كانت سبباً في وفاة المتسابق الإماراتي الفذ حمد بوهليبة رحمه الله في مدينة كاوس البريطانية عام 95 وكانت سبباً في وفاة غيره.. ولعل أبناء البحر لازالوا يذكرون الحادث الرهيب الذي تعرض له نجم الفيكتوري السابق وأحد أبرز نجوم العالم في هذه السباقات المغامر سعيد الطاير قبل عدة سنوات في جولة مدينة أرندال النرويجية.. فقد طار زورقه عدة مرات في الهواء واصطدم بعنف على سطح الماء فتهشم بالكامل واشتعلت فيه النار بصورة مرعبة، ونجا الطاير من الموت بأعجوبة بفضل الله وحده.. وهو الحادث الذي أجبر الطاير على إعلان الاعتزال لفترة طويلة من الزمن. وأيضاً لا ينسى المتابعون لهذه البطولة الخطرة ما حدث لخلفان حارب أول إماراتي يفوز ببطولة العالم في بحر الشمال بمدينة أرندال النرويجية أيضاً منذ عدة سنوات قبل أن يعتزل ويتفرغ لإدارة مؤسسة الفيكتوري.. فقد غاص زورقه بالكامل تحت المياه خلال السباق، لكن إرادة الله وحدها كتبت له النجاة.. وكثيرة هي الحوادث التي تعرض لها نجوم الفيكتوري خلال مشوارهم الطويل ببطولة العالم التي بدأوها منذ عام 93. إنني بالتأكيد لست من أنصار إلغاء السباقات خوفاً من الموت.. ولكن علينا أن نعيد حساباتنا في أمر المشاركة ببطولة العالم للزوارق السريعة على وجه الخصوص لثلاثة أسباب: الأول نظراً لطبيعة هذه البطولة الخطرة التي تقام في أعماق البحار من خلال زوارق ضخمة وثقيلة وسريعة والتي تشترط متسابقين داخل الكابينة وليس متسابقا واحدا. والثاني لأننا حققنا الكثير من أهدافنا من خلال المشاركة في هذه البطولة وكان الترويج لدولة الإمارات.. والسبب الثالث أن هذه البطولة انكمش عدد المشاركين فيها بشكل ملحوظ نظراً لكلفتها العالية واعتزال نجومها المعروفين بخاصة من إيطاليا والنرويج لدرجة أن زوارق الفيكتوري أصبحت تنافس بعضها البعض! آخر الكلام السباقات البحرية لها عشرات الأشكال التي تبدو آمنة إلى حد كبير وبخاصة سباقات التجديف والسباقات الشراعية خاصة أن لها حضورا قويا في دورات الألعاب الأولمبية.. أما سباقات الموت فآن الأوان أن نقول لبحرها “بس يا بحر”!