الأفعال الناتجة أثناء تفاعل الأنا مع الآخر، عبارة عن سلوك إنساني وجد بالفطرة، وهذا السلوك يدفعنا للتعبير بشكل مباشر أو غير مباشر عن ذواتنا الإنسانية. نتساءل دائماً عن حقيقة تلك الأفعال اللاإرادية، محاولين إيجاد مبررات وهمية لكي نتوقف عن التذمر الملطخ بالتفكير، محاولات يائسة لأننا يجب أن ننظر لتلك الأفعال من مسافات بعيدة، حينها فقط ندرك حقيقة السلوك الناتج كردة فعل لا غير. الفن المقترن بالسلوك الإنساني، فن غير مرغوب فيه، هذا الرفض عبارة عن خوف يمتلك عقول البشرية، خوف علمنا الاختباء وراء أقنعة الابتسامة العريضة والساخرة من ذواتنا البشرية، الفنان عندما يطرح محتوى الفكرة ذات البعد السلوكي، يطرحها بقوة وبشكل مباشر، وتسمع صوتها بين أعمدة صالات العرض، تريد الخروج إلى الشوارع والمنازل، تريد ملامسة سطح الجلد لتشعر المشاهد بحرارة الموقف وصدق المشاعر. البحث عن الفن عبر الملاحظة الدقيقة لسلوك إنساني، أمر شبه مستحيل لأن الفن يقع بين البصر والبصيرة، فإن تمكنا من إدراك البصر عبر المشاهدة قد لا نتمكن من البصيرة والتي تقع ضمن الكون الفسيح للفكر، يجب أن نحسن استخدام عملية البحث، والتوقف عن الادعاء الكاذب بأن الفن مقترن بالسلوك الإنساني فقط، بل إن الفن يبحر بين السلوك الإنساني وفكر البشرية المهجن بالتكنولوجيا. أفعال إرادية التي نسلكها أمام حدث ما، وإن لم نحسن تصنيفها تجاه الآخر، لأن الأنا مدركة مصداقية تلك الأفعال وأنها ضمن المعقول، أي بعيدة عن العقل اللاواعي وتقع في مركز العقل الواعي، فكرة تدوين السلوك الإنساني فكرة قديمة وليس مرتبة بالمعاصرة، ولكنها متجددة وطريقة الطرح تختلف من مدرسة فنية إلى أخرى. عندما أتوقف عن التحدث أو حتى النظر، أنا أعبر عبر السلوك عن سلوك آخر نشأ من فرد قريب أو بعيد، أي لم أتوقف عن الكلام أو النظر لأني لا أملك لساناً أو بصراً، وقد أكون مستمتعة أو غاضبة من سخرية طرف آخر. محادثات داخلية تأبى الصمت إلا عبر الأفعال، أي سلوك يجبر الآخر على إدراك مشاعر الأنا، لهذا وجد الفن للتعبير والخوض في معارك مع الآخر من أجل الاثنين معاً. هدى سعيد سيف science_97@yahoo.com