جاءت مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بإطلاق جائزة عالمية تحمل اسم سموه لتؤكد ما تحظى به لغة القرآن، لغتنا العربية الجميلة من مكانة وتقدير في إمارات المحبة والعطاء. وهي امتداد لجهود كبيرة وعلى أكثر من صعيد ومستوى، لتعزيز انتشار اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد. هذه اللغة الجميلة التي قال سموه إنها «محفوظة بحفظ الله»، اتخذ مسار رعايتها وترسيخ مكانتها في المجتمع مسارات عدة، وبالذات على المستوى الرسمي بقرار مجلس الوزراء في عام 2008 الذي أكد اعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع المعاملات الرسمية بوزارات ودوائر ومؤسسات الدولة كافة، تنفيذاً لما ينص عليه دستور الدولة بأن العربية اللغة الرسمية للبلاد. كما أصدر مجلس الوزراء في عام 2012 قراره بإنشاء المجلس الاستشاري للغة العربية، امتداداً لمجموعة مبادرات أٌطلقت في أبريل من العام ذاته لتطبيق مبادئ ميثاق اللغة العربية الذي كان ثمرة مجلس محمد بن راشد للسياسات. وشملت المبادرات، العمل على إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة، إطلاق كلية للترجمة ومعهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومبادرة إلكترونية لتعزيز المحتوى العربي على الشبكة الإلكترونية. وشهدت دبي أمس الأول انطلاق مؤتمر اللغة العربية في دورته الثالثة برعاية سموه بمشاركة أكثر من 500 متحدث وألف مشارك. جائزة محمد بن راشد العالمية للغة العربية بفروعها الخمسة تتويج لهذه المبادرات القيمة، والهدف منها- كما قال راعي الجائزة- خدمة اللغة التي أنزل الله بها كتابه المجيد وتمكينها وتشجيع روادها، وإبراز النماذج والتجارب الناجحة فيها، وتكريم المبدعين فيها لما فيه من ترسيخ للهوية الوطنية والحفاظ على الفكر والثقافة المحلية. الرهان كبير على إسهام الجائزة في تعزيز دور اللغة العربية واستعادة بريقها ومكانتها وفعاليتها في المجالات كافة، وبالذات في ميدان من أهم الميادين، وهو ميدان التربية والتعليم ومؤسسات التعليم العالي. وفي خضم الترحيب الواسع بإطلاق الجائزة، توقفت أمام إشادات وترحيب وزارتي «التربية والتعليم» و«التعليم العالي» بالجائزة وأهدافها، وهما تؤكدان أهمية اللغة العربية، بينما بإمكانهما وضع الهدف من الجائزة وكل مبادراتها موضع التنفيذ ببدء التطبيق داخل مؤسساتهما، وجعل «العربية» لغة التدريس فيها لإنهاء صورة من الاغتراب التي تعيشها «العربية» في عقر دارها. الوزارتان مدعوتان لبلورة توجه يواكب المبادرات الحكومية لجعل اللغة العربية سيدة الأداء والممارسة والتطبيق في المجتمع بإعادة النظر فيما يجري، بعدما اقتنع البعض بأن اللغة العربية ليست لغة تدريس علوم العصر، ما ساعد وبشدة على تراجع مكانة اللغة العربية في المدارس ومؤسسات التعليم العالي، وسمح بازدهار أكشاك ومعاهد تدريس اللغات الأجنبية بعد حمى التنافس على الاستعراض في إجادة رطانة دخيلة. لأن الاعتزاز باللغة الأم، رمز الهوية الوطنية والوعاء الثقافي للأمة، يتطلب تطبيقاً وممارسة تعبر عن هذا الاعتزاز والفخر بالهوية، ومحو نظرة دونية للغة العربية يعمل البعض على نشرها بذلك الزعم الذي أشرت إليه، وهو أن لغتنا العربية لم تعد تواكب العصر ومتطلباته، وبورك في كل جهد لإعلاء شأن «الجميلة». ali.alamodi@admedia.ae